للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسَمَرْقَنْد يَقُول: لحَيْص بَيْص أخ يُلَقَّب: بَهْرَج مَرْج، ولهما أُخْتٌ لقَّبهَا مُجَّان بَغْدَاد: بدَخْل خَرْج.

ذَكَرَ صَدِيْقُنا يَاقُوت بن عَبْد اللّهِ الحَمَوِيّ، وأظُنُّ أنِّي سَمِعتُه منه في المُذَاكَرَة، قال: حَدَّثَني حُسَيْن بنُ حَرَّاز (a) الشَّاعِر، قال: حَدَّثَني خالي مُحَمَّد بن عليّ بن المُعَلِّم الشَّاعر، قال: أرْسَل إليَّ الحَيْص يَوْمًا، وكان قد رَأى في رَأسه شَعرةً بَيْضاءَ: أَدْركْنِي فقد نَازَلَني الوَقَارُ، وأَشِرْ عليَّ بمَنْ أسْتَنِيبُه في إيْرادِ شِعْريّ، فما يَجْمُل بمثْلي إيرَادَهُ بعدَ الوَقَار.

أخْبَرَني عِزُّ الدِّين أبو حَفْص عُمَرُ بن عليِّ بن دَهْجَان البَصْرِيّ المالِكِيّ ببَغْدَاد، قال: حَدَّثَني أبو مُحَمَّد عَبْدُ اللّه بن عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن أبي سَعيد الأنْبارِيّ بالبَصْرَة، أنَّ أبا الفَوَارِس الحَيْصَ بَيْص، قال: إنَّهُ دَخَلَ حَلَب، وأنَّهُ مَضَى إلى بعض نَوَاحِيها يَمْدَحُ أميرًا من أُمَرَاءَ العَجَم، وكان لا يَعْرف الأَمِير بالعَرَبِيَّة، فمَدَحَهُ مع جَمَاعَةٍ من الشُّعَراء، وحَضَروا عندَهُ، وحَضَر معهم رَجُلٌ ادَّعَى أنَّهُ شَاعِرٌ، فلمَّا أنْشَدَ الجَمَاعَة أشار الحَاجِبُ إلى ذلك الرَّجُل أنْ يُنْشِد، فأدْخَل يَدَهُ في كُمِّهِ وأَوْهَم أنَّ فيهِ قَصِيدَةً، وأنَّها سَقَطَتْ منه، فقال له الحَاجِبُ: أمَا معَكَ شيءٌ تُنْشِدُه؟ فأنْشَدَ: [من الطّويل]

قِفَا نَبْكِ مِن ذكرى حَبِيْبٍ وأخْوَاجا … بسِقْط اللِّوَى بينَ الدَّخُول وأخْوَاجَا

ومَضَى على أبْيَاتٍ منها، خَتَم كُلَّ بَيْتٍ بقَوْله: أخْوَاجا، والحَاجِبُ يَسْتَحْسِن ذلك منه في كُلِّ بَيْتٍ، والأَمِيرُ يُزَهْزِهُ له ويَفْهَم منه أنَّ أخْوَاجَا هو السَّيِّدُ، فلمَّا فَرَغَ من الإنْشَادِ قال يُخَاطب الحَاجِب: [من الطّويل]

ألَا أيُّها الآتي بخَيْرٍ ونِعْمَةٍ … لك النِّصْفُ لا تَحْرَدْ فيَفْطُنُ أخْوَاجَا


(a) ق: حراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>