للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَكَرَهُ رَفِيْقنا أبو عَبْد اللّه مُحَمَّد بن محمُود بن النَّجَّار في تَارِيْخهِ الّذي ذَيَّلِ به تاريْخِ [بَغْدَاد] (a)، فقال: سَعْد بن مُظَفَّر بن المُطَهَّر، أبو طَالِب الصُّوْفيّ، من أهْلِ يَزْد، قَدِمَ بَغْدَاد، وَنَزَل بالمَدْرَسَة النِّظَاميّةِ، وتَفَقَّهَ بها على مَذْهَب الشَّافِعيّ.

ثمّ إنَّهُ صَحِبَ شَيْخَنا عُمَر بن مُحَمَّد السُّهرَوَرْدِيّ، وسَكَنَ برِباطِ الزَّوْزَنِيّ، وتَرَكَ الفقْه، وسَلَكَ طَرِيق الزُّهْدِ والخلوَة والرِّيَاضَةِ والمجاهَدة، وأقام على ذلك مُدّةً، ثُمَّ إنَّهُ سَافَرَ مع شَيْخه إلى الشَّام لمّا أرْسِل إليها من الدِّيْوَان، واتَّصَلَت لهُ مَعْرفَةٌ بالوَزِير ابن مَهْدِي العَلَويّ، فنَدَبَهُ إلى خِدْمته، فرفَض ما كان فيه، وصَارَ وَكِيلًا على أمْوَاله، ولبسَ الحَرِير، وارْتفعَت دَرَجَتُهُ، وعَلَا جَاهُهُ، ولَم يَزَل على ذلك إلى أنْ صُرِفَ ابنُ مهدِي عن الوِزَارَة، فعَاد إلى صُحْبةِ الصُّوْفيَّة ولبَاسهم، إلى أنْ نُدِبَ للتَّنْفيذ في الرّسَائِل من الدّيْوَان العَزِيز إلى المُلُوك والأطْرَاف، فأُنْفِذَ إلى خُوارَزْم شاه مُحَمَّد بالعِراق، ورَأيْتُهُ بأصْبَهَان، ثمّ نُفِّذ إلى الشَّام ومِصر وبلاد الرُّوم مَرَّات، وإلى بلاد فَارِس، ورُتِّبَ شَيْخًا برِباطِ الأرْجُوانيَّة بدَرب زَاخِي، ثمّ بالرِّباطِ النَّاصِرِيّ المُجَاور لتُرْبةِ الجِهَة السَّلْجُوقيَّة.

وكان رَجُلًا من الرِّجال فيه فَضْلٌ، وله مَعْرفةٌ وأخْلَاقٌ حَسَنةٌ، ومَرضَ وطَالَ مَرَضُهُ، وضَعُفَت قُوَاه، ولَم تَفُتْهُ صَلاةٌ إلى حين وفَاتهِ.

تُوفِّي لَيْلَة السَّبت السَّادِس والعِشْرين من المُحَرَّم سَنَة سَبْعٍ وثَلاثين وسِتِّمائة، وصُلِّي عليه من الغَدِ بالرّبَاطِ، ودُفِنَ بالشُّوْنِيزيَّة، وأظُنُّه بَلَغ السِّتِّين أو جَاوَزها بقليلٍ، ولَم تكُن له رِوَايَةٌ للحَدِيْثِ (a) ولا عنايةٌ به.

قُلتُ: وقد حَدّثَ بدِمَشْقَ عن الحافِظ أبي مُوسَى مُحَمَّد بن عُمَر الأصْبَهَانِيّ، وأبي الفَرَج ثَابِت بن مُحَمَّد بن أبي الفَرَج البَدِيْليّ الحافِظ.


(a) ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصل، ولا في ق، ولَم يترك له فراغًا! وتقدم التعريف بالكتاب في الجزء السادس.
(b) ق: بالحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>