نِسَاءِ أهْلي مَن يُعْرَفُ بهذا، ولا أحْسَبُ إلَّا أنَّ جَدَّ جدّي القاضي أبا الفَضْلِ هِبَةَ الله بن أحمد بن يَحْيَى بن زُهَيْر بن أبي جَرادَة - مع ثَرْوةٍ وَاسِعةٍ، ونِعْمةٍ شامِلَةٍ - كان يُكْثِرُ في شِعْره من ذِكْر العُدْم، وشَكْوى الزَّمانِ، فإنْ لَم يَكُن هذا سَيبهُ، فلا أدْري ما سبَبُهُ.
قال: خَتَمتُ القُرآنَ ولي تسعُ سِنين، وقَرأتُ بالعَشْر ولي عَشرُ سنين. ولم أكْتُبُ على أحدٍ مَشْهُور، إلَّا أنَّ تاجَ الدِّين مُحمَّد بن أحمد بن البِرْفطيّ البَغْداديّ (١) وَردَ إلينا إلى حَلَب، فكتَبَتُ عليه أيَّامًا قلائِلَ، لم يَحْصُلْ منه فيها طائِلٌ.
وله كتابُ الدَّراريّ في ذِكْر الذَّراريّ؛ جَمَعَهُ للمَلِك الظَّاهِر، وقدَّمَهُ إليه يَومَ وُلِدَ وَلَدهُ الَمِلكُ العَزِيز، وكتابُ ضَوْءِ الصَّبَاحِ في الحَثِّ على السَّمَاح؛ صَنَّفَهُ للمَلِكِ الأشْرَفِ، وكتابُ الأخْبار المُسَتفادَةِ في ذِكْر بني أبي جَرادَة، كتابٌ في الخطِّ وعُلُومِه ووَصْف آدابِه وطُرُوسِه وأقْلَامِه، وكتابُ دَفْعِ التَّجرِّي على أبي العلاء المعرِّيّ، وكتابُ الإشْعَارِ بما للمُلُوك من النَّوادِر والأشْعار.
ومَّمن كَتَبَ اليه يَسْترفدهُ سَعْدُ الدّيِن مَنُوجَهر المَوصِليّ، وأمينُ الدِيّن ياقُوت المعروُف بالعالِم، وهو صِهْرُ ياقُوت الكاتِب الذي يُضْربُ به المَثَل.
وكان في بعض سَفراتِه يَرْكَبُ في مِحَقَّةٍ تُشَدُّ له بين بَغْلَين، ويَجلْسُ فيها ويَكْتُب.
وقَدِمَ إلى مِصْر رَسُولًا، وإلى بَغْداد، وكان إذا قَدِمَ مِصْرَ يُلازمُهُ أبو الحُسَيْن الجزَّار، وله فيه مَدَائِحُ".
(١) مُحمَّد بن أحمد بن مُحمَّد بن حمزة بن بريك البِرْفطيّ (ت ٦٢٥ هـ)، نسبته إلى بِرْفطا من قرى نهر الملك، وهو مشهور بحسن الخط وجودة التحرير. ياقوت: معجم الأدباء ٦: ٢٣٩١ - ٢٣٩٣.