للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أحْمَد وابن الزَّيَّاتِ سِرًّا من رَشِيْق، ورَشِيْق بالمِصِّيْصَةِ، وضَمِنَ لهما رَدّ الوُقُوفِ المَقْبُوضَة وحَمْل مالٍ يُنْفَق بالثَّغْر، وتُرَدُّ دَعْوَته، وكان السَّفِيْر في ذلك يُمن التَّرْبَيةِ غُلَام شُعَيْب، فأجابا إلى ذلك، وأقاما الدَّعْوَة لسَيْفِ الدَّوْلَةِ ولهما بعده، وأخْرَجا رُسُلهُما إلى سَيْفِ الدَّوْلَةِ.

وغَزَا النَّاسُ غَزَاة شَتْويَّة، وبَلغُوا أألُسْ، فغَنِمُوا وعَادُوا إلى أنْ نزلوا مَغَارة الكُحْل، فوجدُوا ابن المُلَاينيّ قد جَمعَ في الدَّرْب الكَثير (a)، واخْتلفَ أبو أحْمَد وابن الزَّيَّاتِ في كَوْنهما في المُقدِّمَة والسَّاقَة، فاخْتَار النَّاسِ للسَّاقَة ابنَ الزَّيَّاتِ، وتقَدّمَ الهاشِمِيّ إلى المُقدِّمَة مُكْرهًا، ودَخَلَ النَّاسُ الدَّرْب، وكانت في السَّاقَة تحتَ مَغَارة الكُحْل وَقْعَة عَظِيمَة بين ابن الزّيَّاتِ والثَّغْرِيِّيْن وابن المُلَاينِيّ، فسَلِم المُسْلِمُونَ وأصَابُوا من الرُّوم طَرفًا وعَادُوا إلى الثَّغْر (١).

وتَنَكَّر الأَمِيران بَعْضُهما لبعضٍ، وكَثُر الخِلَافُ بينهما، وهَمَّ أبو أحْمَد الهاشِمِيّ بالوثُوب بابن الزَّيَّاتِ، وجَمَعَ له جُمُوعًا، فبادَرَهُ ابنُ الزَّيّات وبَطَشَ بهِ، وقَبَضَ عليه وعلى عدَّة ممَّن كان معه، فقلَ أكْثَرَهُم، واعْتَقَل الهاشِمِيَّ في بعضِ حُصُون الثَّغْر، وغَزَا ابنُ الزَّيَّاتِ - وإليه وحْدَه الإمَارة - غَزَاة صَائِفَةً تُسَمَّى غَزاةَ قُوْنيَة من دَرْب الرَّاهِب، فغَنِم المُسْلِمُونَ وسَلِمُوا.

وهَرَبَ الهاشِمِيُّ من الحِصْن الّذي كان فيه إلى سَيْف الدَّوْلَة، وعاد إلى طَرَسُوس فدَخَلَها، فسرَّ به أهْلُها إلَّا طَائِفَة كان هَوَاها مع ابن الزَّيَّاتِ، منهم إبْراهيمُ بن أبي الأسْوَد صَاحِبُ الشُّرْطَة، فلمَّا حَصَلَ أبو أحْمَد الهاشِمِيّ بطَرَسُوس، رَكب إلى السِّجْن ليُخَلِّصَ مَن كان فيه من شِيْعَته، فَخَالَفَهُ ابنُ أبي الأسْوَد إلى


(a) بإهمال الثاء المثلثة في الأصل، وقد تكون: الكبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>