للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّأويْلات في تفسِير القُرآن العَظِيم، وغيرهما من كُتُب الأُصُول، وسَمِعَ منه الحَدِيْث، ومن غيره، وبَرَع في عِلْمي الأُصُول والفُرُوع.

وزوَّجَه شَيْخه السَّمَرْقنديّ بابْنَته فاطِمَة الفَقِيهَة العَالِمَة، وخَرَجَ بها معه إلى بلادِ الرُّوم، وكان مُحْتَرَمًا بها، فجَرَى بينَهُ وبين فَقِيْهٍ من كِبَار الفُقَهَاء كلامٌ، فرَفَع الكَسَانِيُّ المِقْرَعَة على ذلك الفَقِيه، وتأذَّى مَلِكُ بلادِ الرُّوم من ذلك ولَم يَقُل له شيئًا، وكان يرْكبُ الحِصَان إلى أنْ ماتَ، وله رُمْح يَصْحبه في الحَضَر والسَّفَر، وعنده نَخْوة الإمَارة، وعزَّة النَّفْسِ.

وسُيِّرَ من الرُّوم رَسُولًا إلى حَلَب إلى نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، فعَرَض عليه المقام بحَلَبَ والتَّدْرِيس بالمَدْرَسَة الحَلاويَّة، فأجابَهُ إلى ذلك، ووَعَدَهُ أنْ يَعُود إلى حَلَب بعد رَدِّ جَوَاب الرِّسَالَةِ، فعاد إلى الرُّوم وأعاد الجَوَاب على مَلِك الرُّوم.

ثُمَّ قَدِمَ حَلَب، فأكْرَمهُ نُور الدِّين مَحْمُود بن زَنْكِي، ووَلَّاهُ التَّدْرِيس بالمَدْرَسَةِ الحَلاويَّة المَعْرُوفة بمَسْجِد السَّرَّاجين، وفَوِّضَ إليه نَظَرها، وزَاوِيَة الحَديْث بالشَّرْقيَّة بالمَسْجِد الجَامِع، فحَدَّثَ بالزَّاويَة المَذْكُورة عند خِزَانَة الكُتُب، ودَرَّس بالمَدْرَسَة المَذْكُورَة وبالجَاوَليَّة، وكان حَرِيْصًا على تَعْليم العِلْم، ونَفْع الطَّلَبَة.

وكان فَقِيْهًا، عَالمًا، صَحيْح الاعْتِقَادِ، كَثِيْر الذَّمّ للمُعْتَزِلة وأهل البدَع، يُصَرِّح بشَتْمهم ولعنهم في درُوسِهِ.

وصَنَّفَ كُتُبًا في الفِقْه والأُصُول؛ منها كتَابه في الفِقْه الّذي وَسَمَهُ ببَدَائع الصَّنَائع في تَرْتيب الشَّرَائع، رَتَّبه أحْسَن تَرْتيب، وأوْضَح مُشْكلاته بذِكْر الدَّلائل في جَمِيع المَسَائِل، ومنها كتابه الّذي وَسَمَهُ بالسُّلْطانِ المُبِيْن في أُصُول الدِّين، وكان مُوَاظِبًا على ذِكْر الدَّرْس، ونَشْر العِلْم.

<<  <  ج: ص:  >  >>