للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم -: لا تُكْثروا الكَلَام بغير ذِكْرِ اللّهِ، فإنَّ كَثْرةَ الكَلَامِ بغير ذِكرِ اللّهِ قَسْوَة القَلْب (a)، وإنَّ أبْعَدَ النَّاسِ من اللّهِ القَلْبُ القَاسِي.

قَرأتُ بخَطِّ بعض أُدَبَاء حَلَب في تَعْلِيقٍ له: أبو جَعْفَر بن عليّ بن المُحَسِّن الحَلَبيّ، شَاعِرٌ من أهْل حَلَب، وقيل: إنَّهُ كان فَقِيهًا على مَذْهَب الإمامِيَّة، ورَحَلَ إلى العِرَاق، واشْتَغَل على أبي جَعْفَر الطُّوْسيّ، وعاشَ بعدَهُ إلى حُدُودِ السَّبْعين وأرْبَعِمائة، وقيل: إنَّ له مُصَنَّفاتٍ على مَذْهَبهم، وذَكَرَ أنَّ له من قَصِيدَة يَمدَحُ بها بعضَ المُلُوك: [من الطويل]

مَليْكُ على هَامِ الثُريَّا مِهَادُهُ … وفَوْقَ مُتُونِ الصَّافِنات مُهُوْدُهُ

تَمَطَّقِ ثَدْيَ المُلكِ وَهْوَ ابنُ يوْمِهِ … وما جَال في خَيْطِ التَّمِيْمِ وَرِيْدُهُ

وسَار على النَّهْجِ الّذي سلكتْ به … مَسَالِكَهُ آباؤُهُ وجُدُودُهُ

يُعِدُّ المَذَاكي وهي جُرْد صَوَاِهِلُ … لِيَومٍ يُذِيبُ الصَّافِناتِ وُقُودُهُ

ويَدَّخِرُ المُرَّانَ حتَّى يرُدَّهُ … وأُمْلُودُهُ مَاطُورُهُ أو قَصِيدُهُ

سَلِيْلُ مَليْك في العَلَاءِ مُعَرَّقٍ … يمُتُّ بمجدٍ لا تُرَدُّ شُهُودُهُ

فيُذْعِنُ بالتَّقْصِيرِ كُلُّ مُنَادِدٍ … وما الفَخْرُ إلَّا ما روَاهُ نَدِيْدُهُ

يقُول فيها:

فيا مَلِكًا تُضْحِي المُلُوكُ أذِلَّةً … لدَيْه كَما ذَلَّتْ لمَولىً عَبِيْدُهُ

ويَسْجُدُ رَبُّ التَّاج خَوْفًا لبَأسِهِ … وقَلَّ لَهُ من رَبِّ تاجٍ سُجُودُهُ

بَقِيْتَ على رَغْم الحَسُودِ مُبَلَّغًا … مِنَ العُمْرِ ما تَخْتَاره وتُريْدُهُ


(a) في جامع الترمذي والمسند الجامع: قسوة للقلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>