للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَنا الحافِظ أبو مُحَمَّد عَبْد القَادِر بن عَبْد اللَّه في كِتَابِهِ إليْنَا من حَرَّان، قال: أخْبَرَنا الخَطِيبُ أبو الفَضْل عَبْد اللَّه بن أحْمَد بن مُحَمَّد الطُّوْسيّ، قال: أخْبَرَنا أحْمَدُ بن عَبْد القَادِر بن مُحَمَّد بن يُوسُفَ، قال: أخْبَرَنا عَبْدُ العَزِيْز بن عليّ الأَزَجِيّ، قال: أخْبَرَنا أبو الحَسَن عليّ بن عَبْدِ اللَّه بن جَهْضَم، قال: حَدَّثَني مُحَمَّد بن دَاوُد، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْدِ اللَّهِ بن الجَلَّاء يَقُول (١): سَمِعْتُ أبا سُليْمان المَغْرِبيّ يَقُول: كُنْتُ أحْمِلُ الحَطَبَ من الجَبَلِ، وأتقَوَّتُ منه، وكان طَرِيقي (a) فيه التَّوَقِّي والتَّحرِّي، قال: فرَأيْتُ جَمَاعَةً من البَصْرِيِّيْن في النَّوْم، منهم: الحَسَنُ، ومالك بن دِيْنار، وفَرْقَد السَّبَخِيّ، فسَألتُهم عن عِلْم حالي، فقُلتُ: أنتم أئمَّةُ المُسْلمِيْنَ، دُلُّوني على الحَلَال الّذي ليسَ للَّه عزَّ وجلَّ فيه تَبِعَةٌ، ولا للخَلْقِ فيه منَّةٌ، فَأَخَذُوا بيَدِي، فأخْرَجُوني من طَرَسُوس إلى مَرْج فيه خُبَّازَى، فقالوا لي: هذا الحَلَالُ الّذي ليسَ للَّهِ عزَّ وجلَّ فيه تَبِعَةٌ، ولا لمَخْلُوق فيه منَّة.

قال: فمَكُثتُ آكُل منه نِصْفَ سَنَة؛ ثلاثة أشْهُر في دَارِ السَّبِيْل، وثلاثة أشْهُر في غيره، آكُلُه نيًّا ومَطْبُوخًا، فصار لي حَدِيثٌ، فقُلتُ: هذه فِتْنَةٌ، فخَرَجْتُ من دار السَّبِيْل فكُنْتُ آكله ثلاثة أشْهُر أُخَر، وَأوْجَدَني اللَّهُ عزَّ وجلَّ قَلْبًا طَيِّبًا، حتى قُلتُ: إنْ كان أهْل الجَنَّة بهذا القَلْب الّذي لي، فَهُم واللَّهِ في شيءٍ طَيِّبٍ، وما كُنْتُ آنسُ بكلام النَّاسِ.

فخَرَجْتُ يَوْمًا من باب قَلَمْيَة إلى صِهْرِيج يُعْرَفُ بالدَّنف (b)، فجلَسْتُ عندَهُ، فإذا أنا بفَتَىً قد أقْبَل من ناحيةِ لَامِش (c) يُريدُ طَرَسُوسَ، وقد بَقي معي قُطَيْعَات من ثَمَن الحَطَب الّذي كُنْتُ أجئُ به من الجَبَل، فقُلْتُ: أنا قد قَنِعْتُ بهذا


(a) تذكرة ابن العديم: طريقتي.
(b) تذكرة ابن العديم: بالمُذَفَّف.
(c) تذكرة ابن العديم: لامس.

<<  <  ج: ص:  >  >>