فنَظَرْتُ فإذا حَوَاليّ دَرَاهِمُ ودَنَانِيْر، فمَدَدْتُ يَدِي فأخَذْتُ منها دِرْهَمًا، فخُوطِبْتُ في سِرِّي: لو لم يكن معك هذا ما كُنَّا نُطْعمُكَ شيئًا؟ فرَمَيْتُ به وقُلتُ: ذَنْبٌ أتَيْتُه لا أعودُ إليهِ.
وقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن دَاوُد الدُّقِّيّ، قال: حَدَّثَني أبو عليّ البَرْدَعِيّ، قال: قال أبو سُليْمان المَغْرِبيّ: رَكِبْتُ حِمَارةً لي أمرُّ من المِصِّيْصَةِ إلى عَيْن زُرْبَة، وفي الطَّريق ذُبَابٌ أزْرَقُ، فكانت الحِمَارةُ تحيدُ عن الطَّريق تطلبُ الدَّغَلَ حتَّى لا يُصِيْب بَطْنَها الذُّبَاب، وكُنْتُ أضْربُ رَأسَها وأردُّها إلى الطَّريق، فعَلْتُ هذا بها ثلاثَ مَرَّات، فقالت لي الحِمَارة في الثَّالثة: أوجعْ في رَأسِ نَفْسكَ تُوجعُ.
وقال ابنُ جَهْضَم: حَدَّثَني أحْمَدُ بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ أبا سُليْمان المَغْرِبيّ يقول، وقد سُئِلَ عن قَوْله في كلام الحِمَارة له، فقال: كان عندي حِمَارٌ فحمَّلْتُه ذات يَوْم حِمْلًا ثَقِيلًا وضَرَبتُه مرَّة أو مَرَّتَين، ففي الثَّالثة حرَّكَ رَأسَهُ إليَّ فقال: كم تَضْرِبُني وأنْتَ أحقُّ بالضَّرْب منِّي، قد حَمَّلْتَني ما أُنْسِيْتُ ذِكْرَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ بهِ.