للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: أخْبَرَنا أبو الحُسَين المُبارَكُ بن عَبْد الجَبَّار الصَّيْرَفِيّ (١)، قال: سَمِعْتُ أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّدَ بن عليّ بن عَبْدِ اللَّهِ الصُّوْرِيَّ الحافِظَ يَقُول: سَمِعْتُ أبا عَمْرو عُثْمانَ بن سَعيد بن عُثْمان الأسَدِيّ يَقُول: سَمِعْتُ أبا العبَّاسِ بَدَوِيّ ببَعْلَبَك، وقد سَألَهُ أبو بَكْر بن وَصِيْف فقال له: يا أُسْتَاذُ، حَدِّثنا بأحْسَنِ شيءٍ رَأيْتَ، فقال له: احْذَرْ شَطْحَ النُّفُوسِ ودَعَاوِيها، فإنِّي خَرَجْتُ من صَيْدَا أُريدُ بَيْرُوتَ، فلمَّا حَصَلْتُ بأقْطَارِ (a) بَيْرُوتَ، قالت لي نَفْسِي: السَّاعَة يَخْرُج العَدُوُّ ويأخُذُك، فقُلتُ: عَلَامَ (b) المَلِكُ يأخُذُه العَدُوّ؟، فجَعَلْتُ أخْطرُ وأقُولُ: عَلَامَ المَلِكُ يأخُذُه العَدُوّ؟، وإذا قد أحَاطَ بي الأعْلاجُ، فأخَذُوني وطَرَحُوني في شِيْنيّ (c)، ومَضَوا إلى قُبْرُس، فلمَّا نَزَلْنا إلى البَرِّيَّةِ (d) اسْتَأذَنْتُهم في الصَّلاةِ، فأذِنُوا لي، فأدَّيْتُ ما فاتَني من الفَرَائِض، ثُمَّ تنَفَّلْتُ بما فَتَح اللَّهُ تعالَى لي، ثمّ سَألتُ اللَّه تَبارَكَ وتَعالَى أنْ لا يُؤاخذْني بشَطْحِ نَفْسِي في دَعَاوِيها، وأنْ يُسَامحَني، ثمّ غَلَبَني النَّوْمُ فنمْتُ، ثمّ انْتَبَهْتُ في المكان الّذي أُخِذْتُ منه.

فقال له أبو بَكْر بن وَصِيْف: حَدِّثنا بشيءٍ آخر ممَّا رَأيْتَ، فقال له: عليك بالسُّكُون إلى اللَّهِ تعالَى، والتَّوَكُّل عليه، فإنِّي خَرَجْتُ من الرَّقَّةِ أُريدُ الشَّرْقَ، فحَصَلْتُ في مكانٍ مَعْرُوف بكَثْرة السِّبَاعِ، فقالت لي نَفْسِي: السَّاعَة يَخْرُج السَّبُعُ يَأكُلك، فقُلتُ: وَيْلكِ ثِقي باللَّهِ، واسْكُني إليه، فبينا أنا أُرَاجِعُها إذا أنا بشيءٍ قد وقَعَ بيَدَيهِ على كَتفي، فالْتَفتُ لأنْظُرَ ما هو، فمع لَفْتَتي قبَّلَ خَدِّي اليَمِيْن وذَهَبَ هَارِبًا في الغَابةِ، فنَظَرتُ إليه فإذا هو السَّبُعُ.


(a) الطيوريات: قنطار.
(b) كذا في الأصل مؤكّدة بحرف العين أسفلها، وفي الطيوريات؛ في هذا الموضع وتاليه: غلام.
(c) مهملة في م، والشيني: مركب من مراكب البحر، جمعه: شواني.
(d) الطيوريات: البرّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>