رَوَى عنهُ العِمَاد أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد ابن أخي العَزِيز الكَاتِب، وذَكَرهُ في ذَيْل الخَرِيْدَة (١) ممَّا نَقَلْتُهُ من خَطِّه، قال: ومنهم أبو الفَتْح بن النَّحَّاس الأنْصَاريّ من أهْلِ دِمَشْق، رَأيتُه في مَجْلِس المَلِك النَّاصِر يُنْشدُه قَصِيدَةً منها (a): [من الوافر]
تَجَلَّتْ في الدُّجَى شَمْسُ النَّهَارِ … وزارَتْ بعد هَجْرٍ وازْوِرَارِ
أَلَمَّتْ بعدَ ما حَيَّتْ فأَحْيَتْ … قَتيْلًا نضْوَ شَوْقٍ وادِّكَارِ
فَتًى أَوْدَى بهِ فَتَّانُ طَرفٍ … تأَلَّفَ من فتُوِرٍ وانْكِسَارِ
أتَتْ واللَّيْلُ قد وَافَى بَهِيْمًا … كلَيْلِ الشَّعْرِ مَرْبَدَّ الشِّعَارِ
وقد بثَّت كَوَاكِبُهُ جُيُوشًا … لها في الجوِّ كالنَّقْعِ المُثَارِ
ونامَتْ أعْيُن السُّمَّارِ لمَّا … خَبَا النِّبْرَاسُ من بعدِ اسْتِعَارِ
وقالتْ بعدَما ألقَتْ رِدَاها … وحَلَّتْ خُلْسَةً عَقدَ الخِمَارِ
وعَادَ اللَّيْلُ من ذاكَ المُحَيَّا … مُنِيرًا ضَاحكًا مثْلَ النَّهَارِ
إلى كَمْ ذا الكَرَى بل أنْتَ ميْتٌ … تَنَبَّهْ واصْحُ من هذا الخُمَارِ
وقُم يا صَاحَ فالوَاشُونَ عنَّا … هجُودٌ تحْتَ أسْمَالِ الدِّثَارِ
وعُودُ العَوْدِ قد وَافَاكَ لدْنًا … نَضِيْرًا ذا اهْتِزَازٍ واخْضِرَارِ
فقُمْتُ مُقَبِّلًا منها جَبِيْنًا … سَرَتْ منه البُدُورُ إلى السِّرَارِ
وخَدًّا مثْل قَاني الوَرْدِ غَضًّا … حَوى الضِّدَّيْن من ماءٍ ونَارِ
وثَغْرًا فيه دُرٌّ في عَقِيْقٍ … وشهْدٌ في رُضَابٍ كالعُقَارِ
ونَحْرًا لَم أكُنْ لولا اعْتِذَارِي … بهِ في الحُبِّ مَخْلُوعَ العِذَارِ
وبتُّ مُعَانقًا منها قَضِيْبًا … رَشِيْقَ القَدِّ حُلْوَ المُسْتَدَارِ
(a) بعده في م: يقول.