للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذَكَرْنا فيما تقدَّم، في فَضْل أَنْطاكِيَة (١)، حَدِيثًا مُسْنَدًا مَرْفُوعًا إلى النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم، قال: إنَّ فيها التَّوْراةَ، وعَصَا مُوسَى، ورَضْرَاض الألْوَاح، ومَائِدَة سُلَيمان بن دَاوُد في غَارٍ من غِيْرَانها.

وفي حديثٍ آخر عن ابن عَبَّاسٍ، عن النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم، قال (٢): وفيها جبَلٌ، وفي ذلك الجَبَل غَارٌ، وفي ذلك الغَارِ عَصَا مُوسَى صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم وشيءٌ من ألْوَاحهِ، ومائِدَةُ سُلَيمانَ، ومَحْبُرَةُ إِدْرِبسَ، ومِنْطَقَةُ شُعَيْب، وبُرْدَا نُوح.

وقد ذَكَرْنا فيما نَقَلْنَاهُ عن الحَسَن بن أحْمَد المُهَلَّبِيّ في وَصْفها (٣): وبها كَنِيْسَةُ القُسْيَانِ، وهي كَنِيْسَةٌ جَلِيلَةٌ، ويُقال إنَّ بها كَفَّ يَحْيَى بن زَكَرِيَّاء عَليه السَّلامُ.

وقَرَأتُ بِخَطِّ أبي عَمْرو الطَّرَسُوسِيِّ، قاضي المَعَرَّة، قال: قَبْرُ أبي مُعاوِيَة الأَسْوَد بطَرَسُوس، بباب الجِهاد في الطَّربق الآضذ إلى المَيْدَان يُمْنة السَّائر، بإزاءِ قُبَّةِ ابن الأغْلَب، ما فارقَهُ الزُّوَّارُ مُدَّة عِمَارَة طَرَسُوس تَبَرُّكًا بهِ وتَيَمُّنًا بالدُّعَاءِ بحَضْرته.

وقال أبو عَمْرو: سَمِعْتُ عِدَّةً من شُيُوخ طَرَسُوس يقُولُون: ما صَدَق أحَدٌ نِيَّتَهُ في حاجَةٍ للّه عَزَّ وجلَّ فيها رِضًا، فتَوَسَّل ودَعَا عند قَبْر أبي مُعاوِيَة، إلَّا أجابَهُ اللّهُ عَزَّ وجلَّ.

وبعَرْبَ سُوْس -وقيل: إنَّها آخر حُدُود الشَّام- في جَبَل بَانَجْلُوسْ، من غَرْبيّ عَرْبَ سُوْس، الكَهْفُ الّذي كان فيهِ أصْحَاب الكَهْف، ولَبثُوا فيه ثلاثمائة سِنينَ، وزُرْتُ المكان عند دُخُولي إلى بلادِ الرُّوم، وهو مكانٌ حَسَنٌ كَثِيْر الزُّوَّار، وهو كما وصفَهُ اللّهُ تعالَى في كتابه: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ


(١) فيما مرّ من هذا الجزء.
(٢) تقدّم حديث ابن عباس بتمامه وتخريجه فيما مرّ.
(٣) تقدّم أيضًا في هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>