للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا في عِيْرٍ ولا في نَفِيرٍ، ثُمَّ خَرَجَ من عنده وهو يَقُول (a): [من الطويل]

أظُنُّ قُرَيشًا باعِثي الحَرْبِ مرَّةً … عَلَيكَ ابنَ هِنْدٍ أو تَجُرَّ الدَّوَاهِيَا

أَيَوْمٌ لمَرْوَانٍ ويَوْمٌ لِصْهرِه … سَعِيدٍ ويَوْمٌ للمُغِيْرَ مُعَاوِيَا

ويومٌ لعَمْرٍو والحَوَادثُ جَمَّةٌ … وقد بَلَغَتْ منَّا النُّفُوسُ التَّرَاقِيَا

أَتَنْسَى بَلَائي يَوْمَ صَفَّينَ والقَنَا … رِوَاءٌ وكانَتْ قَبْلَ ذاكَ صَوَادِيَا

إذِ (b) الأشْتَرُ النَّخْعِيُّ في مُرْجَحِنَّةٍ … يَمَانيِةٍ يَدْعُو رَئيسًا يَمَانيَا

فطَاعَنْتُ عَنْكَ الخَيْلَ حتَّى تَبَدَّدَتْ … بَدَادَ بَنَاتِ الماءِ أبْصَرْنَ بَازِيَا

تَرَكْنَا عليًّا في صِحَابِ مُحَمَّدٍ … وكانَ إلى خَيْرِ الطَّريقَةِ دَاعِيَا

فلَّما اسْتَقَامَ الأمْرُ مِن بَعْدِ فَتْلِهِ (c) … وزُحْرخَ ما تَخْشَى ونِلْتَ الأمَانيِا

دَعَوْتَ الأُلَى كانُوا لمُلْكِكِ آفةً … وخِلْتَ مقَامي حَيَّةً أو أفَاعِيَا

فلمَّا بَلَغَ مُعاويَة قَوْلُهُ، بَعَثَ إليه وعندَهُ وُجُوهُ قُرَيْشٍ، فقال: يا ابن أخي، إنِّي مثَّلْتُ بين تَرْكي إيَّاكَ وبين مَعَاشِكَ، فوَجَدْتُ مَعَاشَكَ (d) أبْقَى لك، وأيْمُ اللَّهِ ما أخَافُ عليك نَفْسِي، ولكنِّي أخَافُ عليك من بَعْدِي؛ فإنِّي رَأيْتُكَ رَحْبَ الذِّرَاعَيْن بمَسَاءَةِ عَملٍ شَدِيد التَّقَحُّم عليه، فليَضق به (e) ذرْعُكَ، وليَقِلّ علَيَّ تَقحُّمُكَ، فإنَّك لسْتَ كُلّ ما شِئْتَ تَجدُ مَنْ يَحْملُ سَفَهَكَ، فَخَرَجَ الفَتَى من عندِه واسْتَحى وارْتَدَع، وأنْشَأ مُعاوِيَةُ يقُولُ: [من الطويل]

أيَا مَن عذيري مِن لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ … فيُخسِئَ (f) كَلْبًا كاَشِرَ النَّابِ عَاوِيَا

فما ليَ ذَنْبٌ في لُؤَيِّ بْنِ غَالبٍ … سِوَى أنَّني دَافَعْتُ عنها الدَّوَاهِيَا

وإنِّي لَبِسْتُ الجُوْدَ والحِلْمَ فيهِمُ … وأنْ مَنْ رمَاهُمْ بالأذَى قَد رَمَانيِا

فأصبَحْتُ ما ينْفَكُّ صَاحِبُ شِرَّةٍ (g) … يقُومُ لها بينَ السِّمَاطَيْنِ لَاهِيَا


(a) م: وهو ينشد ويقول.
(b) ابن عساكر: أو.
(c) ابن عساكر: ميله.
(d) ابن عساكر: وبين معاتبتك، فوجدت معاتبتك. . .
(e) م: بك.
(f) ابن عساكر: فنخشى.
(g) م: مره، ابن عساكر: سوءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>