للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وأخبَرني أنَّ مَوْلده بحَلَب في سَنَة خَمْس وسَبْعين وخَمسِمائة، وتُوفِّي بها يوم السَّبْت الحَادِي عَشر من شهر رَمَضان سَنَة إحدَى وثلاثين وسِّتمائة. ودُفِنَ خارج باب أنْطَاكِيَهَ في تُربَة لأخواله بَني عَبْد الرَّحيْم.

ثمّ قال: أنشدنِي أبو هاشِم لنَفسهِ: [من البسيط]

رَأيْتُ فيْ النَّوْم أحْبَابِيْ قَدْ ارْتَحَلُوا … فأوْجَسَ القَلْبُ مِنْ تَرحَالهمْ حَذَرَا

فجئْتُ عِندَ انْشقَاقَ الفَجْرِ أطْلُبُهمْ … فلَم أجِدْ مِنْهمُ عِيْنًا ولا أثَرَا

فأَقْسَمَ الجَفنُ إِذْ كَانَ الرُّقَادُ لَهُ … نَاعِيْ الأحِبَّةِ أنْ لا ذَاقَ طَعْمَ كَرَى

وأنْشَدَنِي القاضِي أبو القَاسِم، أدَامَ اللهُ أيَّامه، قال: أنْشَدني أبو هاشِم الصَّالِحيّ لنَفْسهِ: [من الطويل]

تَأمَّلْ لسُعْدَى بالأُبيرِق مَنْزلًا … كَسَتْهُ الرِّيَاحُ الهُوْجُ ثَوْبًا مِنَ البِلَى

عَفَت رَحْمَهُ الأَرْوَاحُ حَتَّى كَأنَّهُ … بَقيَّهُ وَشْمٍ في نباتٍ تَمثَّلَا

عَهدْنَاهُ البيْضِ الأوَانِسِ مَعْلمًا … فأصْبَحَ بالسّوْدِ الطَّوامِس مَجْهَلَا

تَحَمَّلتُ أعْبَاءَ الصَّبَابَةِ والأَسَى … غَداةَ نَوَى عَنْهُ الخَلِيْطُ تَحمُّلَا

وإنَّ مُحَالًا صَبْرُ قَلبِي وإنْ بدَا … لِعَيْنِيَ رَبعُ المَالِكِيًّةٍ مُحمَلَا

وأنْشَدَني، قال: أنْشَدني أبو هاشِم الحَلَبيّ قَوْله؛ وكان المَلِك الظَّاهر غازِي بن يُوسُف بن أيُّوَب قد اقْتَرَح هذا الوَزْن واسْتَخَفَّه، فعَمِل جَماعَة من الشُّعَراء بحَلَب عليه، فعَمِل هو قَصِيدة منها: [من الطويل]

نَعَم ذاكَ رَبعُ العَامِريَّةِ قَدْ أقوَى … فَيَا لكَ مِنْ قلبٍ على البَيْنِ ما أقْوَى

سَرَوا فَسَرَوا بالعَيْشِ يتبعُ عيْسَهُمْ … ووَلَّوا فقدْ وَلَّوا على جَسَدِيْ البَلْوَى

وكَم خَدَعَتْنِيْ أعْيُنُ العِينِ عَنْهُمُ … فما عَزَّ قَلبُ عَليها ولا ألْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>