للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

فعَمَّرها دَارًا وزَخرَفَها وقَرْنَصَها، وتَمَّمَ بنُيْانَها، وكَمَّل زَخَارفها، ثُمّ نَقَشَ على دَائر الدَّرَابْزِين: [من السريع]

دَارٌ بَنَيْنَاها وعِشْنَا بها … في دَعَةٍ من آل مِرْدَاسِ

قَوْمٌ مَحَوْا بُؤْسِي ولم يَتْركُوا … علَيَّ في الأيَّام من بَاسِ

قُلْ لبَني الدُّنْيا أَلَا هَكَذا … فليَفْعَلِ النَّاسُ مع النَّاسِ

فلمَّا أنْهَى العَمَل بالدَّار، عَمل دَعْوَةً، وأحْضَر نَصْر بن صالح بن مِرْدَاسٍ، فلمَّا أكَلَ الطَّعَام، رَأى الدَّار وحُسْنَها وحُسْنَ بُنْيانها ونُقُوشها، ورَأى الأبْيَات فقَرأها، فقال: يا أمِيْر، كَم خَسِرْتَ على بناءِ الدَّار؟ فقال: واللهِ يا مَوْلَانا ما للَمَمْلُوك عِلْم بل هذا الرَّجُل تَولِّى عِمَارتَها، فأحْضَر مِعْمَارَها وقال له: كم قد لحَقَكُم غرامَةٌ على بناءِ هذه الدَّار؟ فقال: أَلْفا دِيْنارٍ مِصْريَّة، فأحْضَرَ من سَاعته ألفي ديْنارٍ مِصْريَّة، وثَوْبَ أَطْلَس، وعِمَامَةً مُذْهَبَة، وحِصَانًا بطَوْق ذَهَب، وسَرج ذَهَب، وسَرفْسَار ذَهَب، ودَفَع ذلك جَميعَهُ إلى الأمِيْر أبي الفَتْح، وقال له: [من السرج]

قُلْ لبَني الدُّنْيا ألَا هَكَذا … فليَفْعَلِ النَّاسُ مع النَّاسِ

قال: وبعد أيَّام حَضَر رَجُلٌ من أهل المَعَرَّة يُلَقَّب بالزَّقُّوم، وكان من أرَاذلها، وفيه رُجْلَة (١)، فطَلَب خُبْزَ جُنْدىّ فأعْطوه وجَعَلوه من أجْنادِ حِصْن المَعَرَّة، فلمَّا وصَلَ، عَمِلَ الشَّيْخُ أبي الحُسَين أحْمَد بن مُحَمَّد بن الدُّوَيْدة: [من الكامل]

أهْل المَعَرَّة تحت أقْبَح خطّة … وبهم أنَاخ الخَطْب وهو جَسِيْم

لَم يَكْفهم أن أمر ابن حَصِيْنَة … حتَّى تجنَّد بعدَهُ الزَّقوم


(١) في الأصل والمطبوع من ذيل المرآة: رحلة، والمثبت من الوافي بالوفيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>