للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

طُفتُ البلَادَ مَشَارِقًا ومَغارِبًا … ولكَمْ صَحبْتُ لسَائحٍ وحَبِيْسِ

ورَأيْتُ كُلَّ غَرِيْبَةٍ وعَجِيبَةٍ … ولَقيْتُ هَوْلًا في رَخَايَ وبوسِي

أصْبَحتُ من تَحْتِ الثَّرَى في وَحْدَةٍ … أرْجُو إِلَهي أن يكُونَ أنِيسي

وأنْشَدَنِي القاضِى الإمامُ أبو القَاسِمِ، أيَّدَهُ اللّهُ تَعالَى، بمَنْزلهِ المحرُوس بحَلَب، في سَنَة أرْبَعٍ وثلاثينَ وستمائة، قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ أبو الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر بن عليّ الهَرَويّ لنَفْسهِ، يَرْثي الشَّيْخ أبا البَرَكات بن قُرنَاص: [من الخفيف]

دع مَلَاميْ فإنَّهُ لَا يُفيْدُ … لا تَلُمْنِي فإنَّ قَلْبي عَمِيدُ

كُفَّ عَنِّي فالصَّبْرُ منِّي ضَعِيْفٌ … ومُصَابِي صَعْبٌ وخَطْبِي شَديْدُ

هذهٍ نَكْبَةٌ لها أضْحَتْ الأرْضُ … بما فَوقَ مَنكَبَيْها تَمِيْدُ

مات شَيْخُ الإسْلَام شَرْقًا وغَرْبًا … وإمامُ الهُدى الوَليُّ الفَرِيْدُ

سَيِّدُ الأوْلياءِ والزَّاهِدُ العَابـ … ـدُ وَالفاضِلُ الإمامُ الوَحِيْدُ

هِبَةَ اللّهِ مُذْ فَقَدْناكَ ماتَ الخَـ … ـيْرُ والزُّهْدُ والنَّدَى والجودُ

هبَةَ اللّهِ لا صَفا ليَ عَيْشٌ … كيفَ يَصْفُو وقد عَلاكَ الصَّعيدُ

فالقُبُورُ الَّتي حَلتَ بها بِيـ … ـضٌ وهذي القُصُورُ بَعْدَكَ سُوْدُ

أتَلَذُّ الحيَاةَ نفسِي وشَيْخِي … هِبَةُ اللّهِ في الثَّرَى مَلْحُوْدُ

صاحِبُ الزُّهْدِ والتِّلَاوَةِ والوِ … رْدِ الَّذي للوَرَى عليه وُرُوْدُ

نَدبَتْكَ الآياتُ يا هِبَةَ اللـ … ـه وتبَكيكَ المُرْسَلَاتُ وهُودُ

نَدبَتْك الدِّيار والمَسْجِدُ المَعـ … ـمُورُ يَبْكِيْكَ والكِتَابُ المجيْدُ

فعَليكَ السَّلَامُ مِنَّا إِلى يَوْم … التَّنَادِي إِنَّ المَزارَ بَعِيْدُ

وأنْشَدَنِي، قال: قال أبو الحَسَن قَبْل مَوْته بأيَّام هذه الأبْيَات، وكَتَبَها على حائِط تُرْبته: [من مجزوء الرّمل]

<<  <  ج: ص:  >  >>