للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

القَاسِم الوَاسِطيُّ في شهر شَعْبان سَنَة سَبْع وسِتِّمائة لنَفْسهِ بحَلَب يَمْدَح السُّلْطان المَلِك لظَّاهِر غيَاث الدِّين غازِي بن يُوسُف بن أيُّوب بن شاذى رَحِمَهُ اللّهُ: [من الطّويل]

وقَفْنا على حُكْمِ الهَوَى نُعْلِنُ الشَّكْوَى … بألْفاظِ دَمْعٍ تَفْضَحُ السِّرَّ والنَّجْوَى

وكانَتْ لنا دَعْوَى من الصَّبْرِ قَبلها … ولكنْ دُمُوْعُ العَيْنِ أبطَلَت الدَّعْوَى

وقد كُنْتُ قَبْلَ البَيْنِ جَلْدًا تَهُزُنِي … تَبارِيحُ شَوْقٍ سِرُّها في الحَشَا يُطوَى

وأحْمِلُ ثِقْلَ الوَجْدِ والرَّبعُ آهِلٌ … ولكنْ إِذا ما الرَّبعُ أقْوَى فلا أقوَى

ولِيْ وقْفَةٌ بينَ الحُمُولِ تقَسَّمت … فُؤَادِي أقْسامُ النَّوَى بينَهُم تُنْوَى

ذَويْتُ بها واهْتزَّ غُصْنِي ورُبَّما … يَعُودُ اهْتِزازُ الغُصْنِ من بَعْدِها يَذْوَى

وما ساعَةُ التَّوْدِيْع إلَّا بغِيْضَةٌ … ولكنَّهَا تُهْوَى لتَقْبِيْل مَنْ يُهْوَى

وفي الحُلَّةِ الحَمْراءِ ظَبْيٌ كنَاسهُ … فُؤَادِي فلا يبِربْنَ يَرْعَى ولا حُزْوَى

تَخَيَّرَهُ رَوْضًا أرِيْضًا ومَوْرِدًا … نَمِيْرًا فَما تَغْشاهُ رَيَّا ولا أرْوَى

لهُ فَتكَاتٌ بالحِحَى بَابِليَّةٌ … أحَادِيْثُها عن جَفْنِهِ في الوَرَى تُرْوَى

نَوَافِثُ في الألْبَاب سِحْرًا ونَشْوَةً … إذا خَطَرَتْ في خاطِر أنْشَأَتْ بَلْوَى

فلا تُنْكِرُوا خَمْرًا حَوَتْهُ لِحَاظُهُ … من الأَشْنَبِ المَعْسُوْلَ والمَبْسِمِ الأَحْوَى

وما ضَعْفُ جِسْمِي من ضِعَافِ جُفُوْنِهِ … ولكنَّها تقوَى فَتَسْطُو أنا الأَقوَى

ولَمْ أرَ خَمْرًا قَبْلها في كُؤُوْسِها … تُخَامرُ البابَ الرِّجالِ فَتُسْتَهْوى

كأنّ غِياث الدِّينِ غازِي بن يُوْسُف … أسَرَّ إِليها من خَلَائِقِهِ نَجْوَى

دَع الشَّمْسَ واسْتَطْلِعْ شُمُوْسَ صِفاتِهِ … تَجِدْ عنْدَ تَمْييزِ النُّهَى أنَّها أضْوَا

فمُسْتَحْسَنُ الأعْطَاف يُغْنِي عن الغنَى … ومُسْتَعذَبُ الألْفَاظِ يُسْلِي عن السّلْوَى

أخُو الرُّشْدِ يُسْتَغْوَى لمجدٍ وسُؤْدَد … ويا رُشْدَ مَنْ بالمجدِ والسُّؤْدَد اسْتَغوَى

لَقدْ سادَ حتَّى لَمْ يَجِدْ طَالِبًا عُلًا … وجادَ إلى أنْ لَمْ يَدَعْ طَالِبًا جَدْوَى

وبَرَّزَ في فِقهِ المَعالِي بعِلْمِهِ … فَمَنْ عندَهُ في مُشْكِلاتِ العُلَا الفَتْوَى

<<  <  ج: ص:  >  >>