للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

وأنْشَدَنِي القاضِي أبو القَاسِم، أيَّدَهُ اللّهُ تعالَى، قال: أنْشَدني أبو عَبْد اللّه الوَكِيل من شِعْرِهِ، وذَكَرَ أنَّه كان له مَحْبُوبة تُدْعَى عائِشَة، وبَلَغهُ أَنَّها تعرَّضَت لأسْوَد: [من السريع]

عِشْتُ زَمَانًا عِيْشَتِي عِيْشَتِي … ما طَرَقَ البَيْنُ لنا بَيْنَا

قالَتْ: تَسَلَايْتَ احْتِقَارًا بنا … قُلْتُ تَسَلَّيْتِ تَسَلَّيْنا

لا تُنْكِرِي سَلْوَتَنا هذهِ … رُمْتِ تَلافًا فَتَلَافَيْنا

الجَأكِ الدَّهْرُ إلى أسْوَدٍ … يَصْرِفُ عَنْ عُشَّاقِكِ العَيْنَا

وأنْشَدَنِي، قال: أنْشَدني لنَفْسهِ، وذَكَرَ أنَّه أنْشَدَها قاضي القُضَاة أبا المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، عندَ فَراغ قراءة المَلِك النَّاصِر صَلاح الدِّين، رضِي اللّهُ عنه، عليه جَمِيعه: [من الكامل]

يا سَيِّدَ الحُكَّامِ سيْرَةُ يُوْسُفٍ … نَظَّمْتَها كالعِقْدِ زِيْنَ بدُرِّهِ

وجَمَعْتَ يا قاضِىَ المَمَالِكِ فَضْل مَنْ … أرْضَى الإلَهِ بِسِرِّهِ وبِجَهْرِهِ

مَلكٌ قَضَى اللّهُ العَزِيْزُ لَهُ بأنْ … خَضَعَ المُلُوْكُ لنَهْيهِ ولأمْرِهِ

فَسَمَا بني سامٍ وحامَ على بَنِي … حامٍ عقَابُ عقَابِهِ في نَصْرِهِ

قَهَرَ الأُلَى قَهْر الأُلَى وأعَادَهُمْ … حَيَّ المَعَادِ بأسرِهِمْ في أسْرِهِ

أفْدِيْهِ لا نَظْمٌ يَقُوْمُ بمَدْحِهِ … أبدًا ولا نَثْرٌ يَقُوْمُ بشُكْرِهِ

لَوْ جازَ في الشَّرْعِ السُّجُودُ لمُلْحِدٍ … سَجَدَ المُلُوكُ منَ البِلَادِ لِقَبْرِهِ

نشر الثُّغُورَ فَطِيْبُ نَشْرِ حَدِيثِهِ … يَبْقَى إلى يَوْم الحِسَابِ ونَشْرِهِ

فَتَهَنَّ يا قَاضِي المَمَالِكِ أجْرَ ما … أُوْتِيْتَ مِنْ عَمَلٍ تَفُوْزُ بأجْرِهِ

إِنْ أصْبَحَ العُلَمَاءُ شَهْرَ صِيَامِنا … شَرفًا فقد أصْبَحْتَ لَيْلَةَ قَدْرِهِ" (١).


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٥: ٢٨١ - ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>