فلم أشْعُر إلَّا وضَرْبة بين كَتِفي بكَفٍّ ألْيَن من الحَرِير، فالْتَفَتُ، فإذا أنا بجَارِيةٍ من بَناتِ الرُّوم لَم أرَ وَجْهًا أحْسَن منها، ولا أعْذَب مَنْطِقًا، ولا أرَقَّ حَاشِيةً، ولا ألْطَف مَعْنىً، ولا أرَقَّ إشارَة، ولا ألْطَف مُحاوَرة منها، قد فاقَت أهْل زَمانها ظرْفًا وأدَبًا وجَمالًا ومَعْرِفة، فقالت: يا سَيِّدي، كيفَ قُلْتَ؟ فقُلْتُ:
فقالت: يا سَيِّدي، الشِّعْبُ الَّذي بين الشِّغَاف والفُؤاد وهو المانِع له من المَعْرِفة، فكيفَ يَتَمنَّى مثْلكَ ما لَم يَتَمكَّن أو يُمكن الوصول إليه، والطَّريْق لسَان صِدْق. قُلْ ما بَعْدهُ يا سَيِّدي، فقُلْتُ:
أتُرَاهُم سَلِمُوا … أم تُرَاهُم هَلَكُوا
قالت: أمَّا هم فسَلِمُوا، ولكن عنك؛ يَنْبغي أنْ تَسَل نَفْسكَ، هل سَلِمْتَ أو هَلَكتَ؟ فما قُلْتَ بعده؟ فقُلْتُ: