للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

أقامَ عندَنا بحَلَب سِنين، ثُمَّ خَرَجَ إلى بَلَدِه حَمَاة، وانْتَقلَ إلى حِمْص، فأقامَ بها، في خِدْمةِ المَلِك المُجاهِد زَعِيْمها، يُسيّرهُ رَسُولًا عنهُ إلى جِهَاتٍ مثل حَلَب ودِمَشْق وغيرها؛ وكان حَسَن الأخْلَاق، ظَريفًا، طَيِّب المُفاكَهَة.

أنْشَدني لنَفْسهِ: [من البسيط]

يا أيُّها المُتَنَائِي عن أحِبَّتِهِ … بعدَ اقْتِرَاب مَتَى يَدْنُو بكَ الوَطَنُ

أهَلْ تَعَشَّقْتَ دَارًا غَيْرَ دَارِهِمُ … وجِيْرةً وهُمُ دُونَ الوَرَى السَّكَنُ

بمَنْ تَعَوَّضْتَ عنهُمْ حيْنَ لا بدَلٌ … وهُمْ على الحالَتَيْنِ الرُّوْحُ والبَدَنُ

خَفْ وِقْفَةَ العَتْبِ منهُمْ حيْثُ يُخْرَسُ عن … رَدِّ الجَوَاب الفَصيْحُ المِدْرَةُ اللَّسِنُ

يا جِيْرَةً كان في الأحْشَاءِ مَنْزِلُهُمْ … والقَلْبُ مَسْكَنُهُمْ والعَيْنُ والأُذُنُ

يا رَاحَةَ القَلْبِ أنْتُم مُنْتَهَى أمَلي … فإنْ عَطَفْتُمْ فلا حُزْنٌ ولا حَزَنُ

أنْتُمْ مُرَادِي منَ الدُّنْيا ولَذَّتِها … وأنْتُمُ لجُفُوْنِي في الكَرَى الوَسَنُ

لا أوْحَشَ اللهُ مِنكُمْ حَيْثُما اتَّجَهَتْ … رِكَابُكُمْ إنْ أقامَ الرَّكْبُ أو ظَعَنُوا

وأنْشَدَنِي أيضًا؛ قال أنْشَدني أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن المُفَضَّل الحَمَويُّ لنَفْسهِ: [من البسيط]

ولِي إلَيْكَ اشْتِيَاقٌ زَادَ لَاعجُهُ … وَجْدًا ونَارًا على الأحْشَاءِ يَضْطَرِمُ

وارْتَجِي القُرْبَ مِنْ رُؤْياكَ يا أمَلِي … عَسَى يَعُوْدُ زَمانٌ كُلُّهُ نعَمُ

وكُلَّما مَرَّ وَقْتُ قُلْتُ مُجْتَهِدًا … لا أوْحَشَ اللهُ مِنْكُمْ مَنْ يُحِبُّكُمُ" (١).


(١) ابن الشعار: قلائد الجمان ٥: ٢٥١ - ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>