للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

فواللهِ لو قطّعتَ قَلْبِي تأسُّفًا … وجَرَّعَتني كاسَات دَمْعِي دَمًا صرفا

لمَا زَادَني إلَّا هَوَىً ومَحبَّةً … ولا اتَّخَذت رُوْحِي سِوَاك لها إلْفا" (١)

"ووَرَدَ الخَبَرُ في مُنْتَصَفِ صَفَر من سَنَة ثَمانٍ وخَمْسِين وستِّمائة بورُود التَّتَار إلى حَلَب ودُخُولها بالسَّيْف، فهَرَبَ السُّلْطان مَع الأُمَرَاء المُوافِقين له، وِزَالَ مُلْكه، ودَخَلَ التَّتارُ بعدَهُ بيَومٍ إلى دِمَشْق، وقُرئ فرمان المَلِث بِأمَانِ أهْلِ دِمَشْق وما حَوْلها حتَّى وَصَلَ السُّلْطانُ [إلي غَزَّة ثُمَّ] (٢) إلى قَطْيَا، وتَفَرَّق عنه عَسْكَره، فتَوَجِّه مع خَواصِّه إلى وادِي مُوسى، ثُمّ جاءَ إلى بِرْكَة زِيْزَا، فكَبَسَهُ كَتْبُغا، فهَربَ وأتَى إلى التَّتَار بالأمَان، فبَقِي معهم في ذُلٍّ وهَوَان. [وكان قد هَرَب إلى البلَاد فسَارُوا خَلْفه، فأخَذُوهُ وقد بَلَغت الشَّرْبة عندهم نَحْو مائَة دِينَار، فأتوا بهِ كَتْبُغَا وهو يُحاصِر عَجْلُون، فوَعَدَهُ وكَذبهُ، وسَقاه خَمْرًا صِرْفًا، فسَكِرَ، وطَلَبُوا منْهُ تَسْلِيم قلَعة عَجَلُون، فأمَر نائبها بتَسْلِيمها ففَعَلَ، ودَخَلَها التَّتَارُ ونَهَبُوهَا.

ثمَّ إنَّهُم سارُوا بالنَّاصِر وأخيه إلى هُولَاكُو، فأكْرَمَهُ وأحْسَنَ إليهِ، فلمَّا بَلَغهُ قَتْل كَتْبُغا أمَرَ بقَتْلهِ فاعْتَذَر، فأمْسَك عَنهُ مع إعْرَاض، فلمَّا بَلَغَهُ كَسْر عَسْكَره على حِمْصَي اسْتَشَاط غَضَبًا، وقَتَلَهُ ومَن مَعَه سوى ولَده العَزِيز] (٣)، وقيل: إنَّهُ قَتَلهُ بالسَّيْفِ عقِيبَ واقِعَة عَيْن جَالُوت، وقيل: خُصَّ بعَذَابٍ دُونَ أصْحابه، وقيل: جُعِلَ هَدَفًا للسِّهَام، وقيل: جُمِعَ لَهُ نَخْلَتان ورُبِطَ بينهما، ثُمّ إنَّهُ قُطعَ حَبْل الجَمْع بينَهما فافْتَرَقَتا، فذَهَبَت كُلُّ واحدةٍ بِشِقٍّ منه" (٤).


(١) فوات الوفيات ٤: ٣٦٤.
(٢) ما بين الحاصرتين في الوافيّ، ولم يرد في نشرة الفوات.
(٣) ما بين الحاصرتين في الوافيّ، ولم يرد في نشرة الفوات.
(٤) الوافي بالوفيات ٢٩: ٣١١، فوات الوفيات ٤: ٣٦٤، ولم يعين الصفدي ولا ابن شاكر الكتبي موضع انتهاء النقل، ولعل الخبر المتصل باستيلاء التتار على حلب وهروب صاحبها، هو من كلام أحدهما، ونقله عنه الآخر لا أنَّه من كلام ابن العديم، أثبتناه على الشكِّ فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>