للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

قال ابنُ العَديم: أخْبَرني الفَقِيه أحْمَد بن يُوسُف بن مُحَمَّد الأَنْصَارِيُّ الحَنَفِيُّ، قال: كان الكَاسَانيُّ عَزَم على العَوْدِ مِن حَلَب إلى بلادِه، فإنَّ زَوْجَتَهُ حَثَّتْهُ علَى ذلك، فلمَّا عَلِمَ المَلكُ العادلُ نُور الدِّين مَحْمُود اسْتَدعاه، وسألَهُ أنْ يُقيِمَ بِحَلَبَ، فعَرَّفَهُ سَبَبَ السَّفَر، وأنَّه لا يَقْدِر أنْ يُخَالِف زَوجَتهُ ابْنَةَ شَيْخهِ، فاجْتمع رَأْيُ المَلِك وزَوْجِها الكَاسَانِيّ على إرْسَالِ خَادِمٍ، بحيث لا تَحْتَجِبُ منه، ويُخَاطِبُها عن المَلِك في ذلك، فلمَّا وَصَلَ الخادِمُ إلى بابِها اسْتَأْذَنَ عليها، فلم تأْذَنْ له، واحْتَجَبتْ منه، وأرسَلَت إلى زَوجِها تَقُول له: بَعُد عَهْدُك بالفِقْهِ إلى هذا الحَدِّ، أمَا تَعْلَم أنَّه لا يَحِلُّ أَنْ يَنْظُرَ إليَّ هذا الخادِمُ، وأيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وبين غيره من الرِّجَال في جواز النَّظَر!

فَعَادَ الخادِمُ، وذَكَرَ ذلك لزَوْجِها بحَضْرَةِ المَلِك، فأرْسَلُوا إليها امْرَأَةً برِسَالة نُور الدِّين، لخاطَبتْها. فأجابتْهُ إلى ذلك.

وأقامَتْ بحَلَبَ إلى أنْ ماتت، ثُمّ ماتَ زَوْجُها الكَاسَانيُّ بعدَها، ودُفِنَ عندَها" (١).


(١) القرشي: الجواهر المضية ٤: ١٢٢ - ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>