للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في تاريخ سَعيد بن كَثِيْر بن عُفَيْر (١)، قال: ثمّ كانت سَنَة سَبع عَشرة، وفيها كان افْتتاح قِنَّسْرِيْن صُلْحًا على يَدي أبي عُبَيْدَة؛ سَارَ أبو عُبَيْدَة إلى قِنَّسْرِيْن فافْتتحها بصُلْح، وأغار على حَاضِرها فقَتَل المُقاتِلَة وسَبَى الذُّرِّيَّةَ، ولم يَدْخل مَدِينَة حَلَب لأنَّهُ لم يكن فيها أحدٌ؛ كانت قد تُرِكَت قبل الإسْلام، فبعثَ إلى عُمَر بثُلث سَبي الحَاضِر.

قُلتُ: وقد ذَكَرَ سَعيد بن البِطْرِيْق النَّصْرانيّ في تاريخه ما حَكاهُ ابن عَائِذ بأتَمّ منهُ، فأوْرَدتُهُ بما فيه من الزِّيَادة، ولعلَّ الزِّيادة إنَّما أخذَها من كُتُبهم، قال (٢): وكان هِرَقْل قد تنحَّى من دِمَشْق إلى حِمْص، فلمَّا سَمِعَ هِرَقْل أنَّ المُسْلِمِينَ قد فَتَحوا فِلَسْطين والأُرْدُنّ وصَاروا إلى البَثَنِيَّة خَرَجَ من حِمْص إلى مَدِينَة أَنْطاكِيَة، ففَرَضَ الفروض واسْتَجْلَب (a) المُسْتَعرِبَة من غَسَّان وجُذَام ولَخْم (b)، وكُلّ مَنْ قدر عليه من الأرْمَن (c)، وأقامَ (d) عليهم قائدًا من قُوَّاده يُقالُ لهُ مَاهَان، ووَجّه بهم إلى دِمَشْق.

وذَكَرَ أمْرَ دِمَشْق وفَتْحها (٣)، وقال (٤): وكُلُّ مَن أفْلَتَ من الرُّوم من المُقَاتِلة لَحِقَ هِرَقْل بأَنْطاكِيَة. فلمَّا سَمِعَ هِرَقْل (e) أنَّ دِمَشْق قد فتِحَتْ، قال: عليك (f) السَّلام يا سُورْيَة. ثمّ سارَ حتَّى دَخَل قُسْطَنْطِينِيَّة، وذلك في السَّنَة الثَّالثة من خِلَافَة عُمَر بن الخَطَّاب.

فكَتَبَ عُمَر بنُ الخَطَّاب إلى عَمْرو بن العَاص أنْ يَصِيرَ بجُنْده إلى فِلَسْطين، وكَتَبَ: إنِّي قد اسْتعمَلْتُ يَزِيد بن أبي سُفْيان على دِمَشْق، وشُرَحْبِيل بن حَسْنة


(a) في الأصل: واستعرب، والمثبت من تاريخ ابن بطريق (مصدر النقل).
(b) عند ابن بطريق بزيادة: كَلْب.
(c) أبى بطريق: العَرَب، ولعله الأظهر.
(d) ابن بطريق: وأمَّر.
(e) التاريخ المجموع ١٦: هرقل الملك.
(f) ليست في المطبوع من تاريخ ابن بطريق، وهي موجودة في إحدى نسخه الآخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>