للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِسمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وبِهِ تَوْفِيقِي

وذَكَرَ عليّ بن عِيسَى الرَّبَعيِّ في كتاب التَّنْبِيهِ الّذي ردَّ فيه على ابن جِنِّي في كتاب الفَسْر، قال: كنتُ يومًا عند المُتَنَبِّي بشيْرَاز، فقيل له: أبو عليّ الفارسيِّ بالباب، و كانت بينهما مودَّةٌ، فقال: بادِرُوا إليه فأَنْزِلُوهُ، فدخل عليه أبو عليّ وأنا جالسٌ عندهُ، فقال: يا أبا الحَسَن، خُذ هذا الجُزءَ، وأعطاني جُزءًا من كتاب التَّذْكِرَة، وقال: اكْتُب عن الشَّيْخ البَيْتين اللَّذين ذَاكرتُكَ بهما، وهما (١): [من الطويل]

سَأَطلُبُ حَقِّي بالقَنَا ومَشَايخٍ … كأنهُمُ من طُولِ ما الْتَثَموا مُرْدُ

ثقَالٍ إذا لاقَوا، خِفَافٍ إذا دُعُوا، … كَثِيْرٍ إذا شَدُّوا، قَلِيلٍ إذا عُدُّوا

فهما مُثْبَتان في التَّذْكرَة بخَطِّى، قال: وهذا من فعْل الشَّيْخ أبي علىّ الفَارسيِّ عظيمٌ، قال الرَّبَعيُّ، وكان قَصْدُ أبي عليّ الفارِسِيّ نَفْعُهُ لا التَّأدُّب والتَّكثُّرُ، وأيًّا قَصَدَ فهو كَثِيْرٌ.

قرأتُ بخطِّ يَحْيَى بن سَلامَةَ بن الحُسَين بن مُحَمَّد الحَصْكَفيِّ في تَعْلِيق له، حُكي أنَّ السَّرِيَّ الرَّفَّاءَ حين قصَدَ سَيْفَ الدَّوْلَةِ ابن حَمْدَان، رَحِمَهُ اللهُ أنشَدَهُ بَدِيْهًا بَيْتَيْن هُما (٢): [من الكامل]

إنِّي رأيتُكَ جالسًا في مَجْلِسٍ … قَعَدَ المُلُوكُ به لدَيْكَ وقَامُوا

فكأنَّكَ الدَّهْرُ المُحِيْطُ عليهم … وكأنَّهُم من حَوْلكَ الأيَّامُ

ثُمَّ أنْشَدَهُ بعد ذلك ما كانَ قال فيهِ منَ الشِّعْر، وبعد يَوْمَيْن أو ثلاثةٍ


(١) ديوانه بشرح العكبري ١: ٣٧٣.
(٢) ليس في ديوان السري الرفاء المطبوع باعتناء كرم البستاني (دار صادر، ١٩٩٦ م). وهو عند البديعي في كتابه: الصبح المنبي على حيثية المتنبي ٧٩ - ٨٠، وخبر السري الرفاء والمتنبي فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>