للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُلُوك وأخَذَ صِلَاتهم، وكان له ثَرْوة وتَجمَّل، وقَدِمَ حَلَب.

ومن شِعْره قوله (١): [من الكامل]

ورَكبْتُ ظَهْرَ تَوَصُّلي في أوْبَتِي … وحَلَفْتُ أنِّي لا أنامُ عن السُّرَى

حتَّى أُريتُ (a) الأُفْقَ أنَّ بدُورَه … تخْفَى وبدْرُ الدِّين مُتَّقِدًا يُرَى

أخْبرَني أبو علىِّ القِيْلويّ (b)، قال: بلَغَ الحَاجِب عليّ الأشْرَفِىّ، وهو بالشَّرْوَان أنَّ ابن كسا هَجَاهُ، فأحْضَره وقال: بلغَني أنَّك هجَوْتني، وها أنا أهْجُوك لتَعْلم أيّنا أهْجَى، وأيّ الهَجْوَين أوْجَع. ثمّ مَدَّه وما زال يَضْربه بالدَّبَابِيْس حتَّى أشْرَف على المَوْت، ورُفِعَ على بابٍ إلى السِّجْن فبَقي بالسِّجْن مُدَّة، ثمّ أطْلقَهُ.

وبلغني أنَّ ابن كسا تُوفِّي في صَفَر سَنَهَ أرْبَعٍ وثَلاثين وسِتّمائة بالقَاهِرَة.

أنْبَأنَا أبو مُحَمَّد عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ المُنْذِريّ (٢)، قال في ذِكْر مَنْ تُوفِّي سَنَهَ خَمْسٍ وثَلاثين وسِتّمائة: وفي شْهر رَبِيع الآخر تُوفِّي أبو العبَّاس (c) أحْمَد بن سُلَيمان بن حُمَيْد بن إبْراهيم بن مُهَلْهِل القُرَشِيّ المَخْزُوميّ البُلْبَيْسيّ الشَّافِعيّ المَعْرُوف بابنِ كسا بالقَاهِرَة، ومَوْلده ببُلْبَيْس في سَنَة سَبْعٍ وسِتِّين وخَمْسِمائَة، تَفَقَّهَ على مَذْهَب الإمام الشَّافِعيّ رَضِيَ اللّهُ عنهُ، وتأدَّب وقال الشِّعْر، وسَافرَ الكَثِيْر، وحدَّث بشيءٍ من شِعْره ببُلْبَيْس وغيرها، وذكَرَ أنَّهُ دخَلَ دِمَشْق واشْتَغل بها، وبالمَوْصِل وبَغْدَاد وخُرَاسَان، وأنَّهُ اجْتَمع بفَخْر الدِّينِ الرَّازِيّ، المَعْرُوف بابنِ الخَطِيب، بخُوارَزْم، وكان له أُنسٌ بالنَّظريَّاتِ والخِلَافِ (d).


(a) ابن الشعار: رأيت.
(b) مهملة في الأصل، وهو الحَسَن بن محمد في إسماعيل، ونسبته إلى قيلوية من قرى بَغْدَاد. انظر ترجمته في: مُعْجَمُ الأدباء ٥: ٢٠٣٥، الوافي بالوفيات ١٢: ٢١٨، النجوم الزاهرة ٦: ٢٩٣، شذرات الذَّهب ٧: ٢٧٩.
(c) المنذري: الأديب أبو العباس.
(d) المنذري: والخلافيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>