للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلمَّا كان يَوْم الأرْبَعَاء لستٍّ بَقِينَ من هذا الشَّهْر، صِيْرَ ببدَن القِرْمِطِيّ إلى باب الجِسْر الأَعْلَى من الجانب الشَّرْقيّ فصُلِبَ هناكَ، وحُفِر لأجْسَادِ القَتْلَى آبارٌ إلى (a) جانب الدَّكَّة فطُرِحُوا فيها، وطُمَّت. فلمَّا كان بَعْدُ، أمَرَ بهَدْم الدَّكَّة، وتعْفيَة أثرهَا، ففُعِلَ ذلك.

قال ابنُ أبي الأزْهَر في هذا التَّاريخ، في حَوَادِث سَنَة ثَلاثِ وتِسْعِين ومَائتَيْن: وفيها ورَدَ الخَبَرُ بأن أخا الحُسَين بن زَكْرُوَبْه المَعْرُوف بصاحِب الشَّامَة ظَهَرَ بالدَّالِيَةِ من طَريق الفُرَاتِ في نَفَرٍ، واجْتمع إليهِ جَمَاعَة من الأَعْرَاب، وسَار بهم إِلى نحو دِمَشْق، فعَاثَ في نَوَاحِيها، فنُدبَ لخُرُوج إليهِ حُسَين بن حَمْدَان فخرَج في جَمَاعَةٍ، ووَرَدَ الخَبَرُ برجُوْعه إلى الدَّالِيَة.

فحدَّث مُحَمَّد بن دَاوُد بن الجرَاح أنَّ زَكْرُوَيْه بعد قَتْل صَاحب الشَّامَة أنفَذ رَجُلًا كان مُعَلِمًا للصِّبْيان يُقالُ له عبْد اللّه بن سَعيد، فتَسَمَّى نَصْرًا ليُخْفِي أَمْرَهُ، فدار في أحْيَاء كَلْب يَدْعُوهم إلى رأيهِ، فاسْتَجاب له جَمَاعَة من صَعَاليْكهم وسُقَّاطِهم وسُقَّاط العُلَّيْمِيِّين (b)، فسَار فيهم إلى بُصْرَى وأَذْرِعات من كُوْرَتَي حَوْرَان والبَثَنِيَّةِ فقتَل وسَبَى، وأخَذَ الأمْوَال.

قال: وأنفَذ زَكْرُوَيْه رَجُلًا يُقالُ له القَاسِم بن أحْمَد دَاعِيَةً، فصار إلى نحو رُسْتَاق نَهْر ملخانا (ح).

قال: فالْتفَتْ بهِ طائفة، فسَاروا إلى الكُوفَة حتَّى صبَّحُوها غَدَاة يَوْم النَّحْر وهم غَارُّون (١)، فَوَافَوا باب الكُوفَة عند انْصراف النَّاس من المُصَلَّى، فأوْقَعُوا بمَن قَدرُوا عليه، وسلَبُوا وقتلُوا نَحْوًا من عشرين رَجُلًا، وكان رئيسهم هذا قد


(a) مكررة في الأصل.
(b) الضبط من المؤلِّف في هذا الموضع والذي يليه.
(c) عند النويري: نهاية الأرب ٣٥: ٣٤٦: نهر ملحانا، ولم أهتد للتعريف به.

<<  <  ج: ص:  >  >>