وبمُهْجَتي صَاحٍ يُعَربِدُ لحظُهُ … تِيْهًا عليَّ فطَرْفُهُ مُتَنَبِّذُ
رَشَأُ يَصِيْدُ بحُسْنِه مُهَجَ الوَرَى … وعلى العُقُولِ بِسحْرِهِ يَسْتَحْوذُ
تَحْوي القُلُوبَ بخفَّةٍ وصِنَاعَةٍ … أجْفَانُهُ فاللحَّظُ منه مُشَعْبِذُ
سِحْرٌ بهِ فَتَنَ الأنَامَ فحقُّ ها … رُوْتَ الإمَامِ لجَفْنِهِ يَتَتَلمَذُ
مَقْبُولُ شخصٍ بالعُيونِ مُقَبّلٍ … ميهوبُ حُسْنٍ بالأمَاني يُجْبَذُ
ميعَادُهُ مثلُ السَّرابِ ووَصْلُهُ … بالقَوْل لا بالفعْل فَهْوَ مُطَرْمِذُ
مِن طَبْعِ أهْلِ الشَّامِ قاسٍ قَلْبُهُ … لكنَّهُ في دَلِّهِ يتبَغْدَذُ
يا نَظرةً قد أعْقَبَتْني حَسْرةً … طَرْفي جَنَا فعَلَام قَلْبي يُؤْخَذُ
وَجْدِي بِهِ طُولَ الزَّمانِ مُجَدَّدُ … والقَلْبُ منْهُ بالصُّدُودِ مُجَذَّذُ
والحُزْن مُرْدٍ في هَوَاهُ مُرَدَّدُ … والخَدُّ من مَطَرِ الدُّمُوعَ مُرَذَّدُ
وأنْشَدَنا أبو المَحَامِد القُوصِيّ، قال: وأنْشَدَني رَحِمَهُ اللهُ لنفْسِه مُتَغَزِّلًا على حَرْف الزَّاي: [من الطويل]
أعَانُوا على القَلْبِ الجَرِيْح وأجْهَزُوا … وسَفْكَ دَمِي ظُلْمًا أباحُوا وجَوَّزُوا
هُمُ رَحَّلُوا صَبْري غَدَاة رَحِيْلِهم … وَسِرِّيْ بوَجْدِي أبَرزُوا يَوْمَ بَرَّزُوا
وكنتُ كنَزْتُ الدَّمْعَ ذُخْرًا لبَيْنِهِمْ … فأنفَقْتُ يَوْمَ البَيْن ما كنتُ أكْنِزُ
يَعزُّ وقد بانُوا عليَّ فِرَاقُهُم … ويعْزُبُ صَبْري والتَّجَلُّدُ يُعْوزُ
وكانُوا حَيَاتي فارقُوني ففَارقتْ … فها أنا حَيٌّ في ثِيَابي مُجَنَّزُ
وبي حُبُّ مَنْ لا الوُدُّ يُطْلَبُ عندَهُ … ولا الوَصْلُ مرجُوٌّ ولا الوَعْدُ مُنْجَزُ
لدَائرة الأبْصَارِ من حَوْلِ وجهِهِ … إذا ما بَدَا من نُقْطة الخالِ مَرْكَزُ
لهُ غُصنُ قَدًّا بالمَلَاحَةِ مُزْهرُ … ودِيْبَاجُ خَدّ بالعذَارِ مُطَرِّزُ
هُوَ الرُّمْحُ قدًّا واعْتِدَالًا ولحْظُهُ … سنَانُ بِهِ ما زَالَ قَلْبي يُوْخَزُ
حكَى ألِفَ الخَطِّ اعْتِدَالُ قوامِهِ … ولكنَّهُ من عَطْفِه الصُّدْغ يُهْمَزُ
لقد صَاد قَلْبي حُبُّه بِيَدِ الهَوَى … ولم يُجْدِ فيه أَنَّني مُتَحرِّزُ