للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَدِمَ حَلَب، وأقام بها مُدَّةً، وتَفَقَّهَ بها على شَيْخنا قاضِي القُضَاة أبي المَحَاسِن يُوسُف بن رَافِع بن تَمِيْم، وسَمِعَ منه الحَدِيْث ومن شَيْخنا الشَّريف أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب بن الفَضْلِ الهاشِميّ وغيرهما، وبرَّز في عِلْم الفِقْه والأدَب، ثمّ توجَّه من حَلَبَ إلى سِنْجَار ووَلي بها القَضَاءَ، ثُمَّ انْتَقَلَ عنها إلى بَغْدَاد، وذكَرَ بها مَسْألَةً، فوَلي الإعَادَة بالمَدْرسَةِ المُسْتَنْصِريَّة من جهة الشَّافِعيَّة، وسَمِعَ بها الحَدِيْث من [مُحمَّد بن سَعِيد] (a) بن الخازِن وغيره، ثمّ تَزَهَّدَ وانْقَطَع عن الدُّنْيا، وجَاوَرَ بمَكَّة وبالمَدِيْنَة.

وحدَّثَ بمَكَّة وبسِنْجَار عن أبي هاشِم عَبْد المُطَّلِب الهاشِميّ بشَمَائِل النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي عِيسَى التِّرْمِذيّ، وبمُسْنَد الإمَام الشَّافِعيّ رَضِيَ اللهُ عنهُ عن ابن الخازِن النَّيْسَابُوريّ وعن غيرهما.

وكان لي به اجْتِمَاع بحَلَب، وكان يَسْمعُ معنا الحَدِيْث، ثمّ قَدِمَ الدِّيَار المِصْرِيّة من المَدِينَة، على ساكنها الصَّلاةُ والسَّلام، في ذِي القَعْدَة من سَنة ثمانٍ وخَمْسين وستِّمائة رَسُولًا من صاحبها إلى قُطُز المُعِزِّيّ - بعد أنْ اسْتَولَى على مِصْر، وامْتَدَّت يدهُ في الظُّلْم، وقبضَ أوْقَاف المَدِيْنَة بالدِّيَار المِصْرِيّة - فوجَدَهُ قد قُتِلَ، وتولَّى قَاتلُه المَلِك الظَّاهِر رُكْن الدِّين بِيْبَرْس، فاجْتَمع به، وقَضَى شُغْلَهُ وأطلَق الوَقْفَ وكنتُ إذ ذاك بمِصْر، فحضَرَ إليَّ وعلَّقتُ عنه فَوَائِد وشَيئًا من شِعْره،

وسألْتُه عن مَوْلدِه، فقال: عُمُري الآن سَبْعةُ وسَبْعُون سَنة، وكان سُؤالي إيَّاه في رابع وعشرين من ذي القَعْدَة من سَنَة ثمانٍ وخَمْسِين وستِّمائة.


(a) موضعه بياض في الأصل قدر كلمتين، وابن الخازن من الحفاظ المسندين المشهورين، توفي سنة ٦٤٣ هـ. انظر: تاريخ الإسلام للذهبي ١٤: ٤٦٩ - ٤٧٠، وفي العبر للذهبي ٣: ٢٤٨: محمد بن سعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>