هذا، فجدَّدنا إسْلَامنا نحنُ، وتَبَرَّأنا من ذلك المَذْهَب، وخَطَر لنا إظْهار مَوْتهِ، فأظْهَرْنَا مَوْتَهُ، وأخَذنا خَشَبَة نَخْلٍ بالية تُشْبه الآدَمِيّ، ولَفَفْنا عليه خِرَقًا ودفنَّاهُ، وكنتُ أظْهَرتُ أنِّي حلفْتُ أنَّهُ لا يتَولَّى غَسْلَهُ إلَّا أنا ووالدتي لئلَّا يَطَّلع أحدُ على شيء من ذلك.
قال: فقال له الشَّيْخُ عُمَر: فأنا أزيدُكَ في الحِكايَةِ زيَادَةً، وهو أنِّي أنا الشَّخْصُ الّذي قَطَع لِسَاني، وقد عاد كما كان. فأكَبَّ عليه يُقَبِّل رأسَهُ ويديهِ ويَتبرَّك به، وأعْطَاهُ دِيْنارًا وكَساهُ ثَوْبًا، وكان يَتَفقَّدَهُ مُدَّة مقامهِ في المَدِيْنَة النَّبَويَّةِ على سَاكنها السَّلام.
قال: وحَكَى لي هذه الحِكايَة بمِنَى أيَّام المَوْسِم، وذَكَر أنَّ اسْم المَمْسُوخ كان أحْمَد.
أنْشَدَنا مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد بن الصَّفَّار السِّنْجَارِيِّ بها، قال: أنْشَدَني تَقِيّ الدِّين أبو العبَّاس أحْمَد بن عَبْد الوَاحِد الحَوْرَانيّ المُدَرِّس الشَّافِيّ - ثُمّ اجْتَمَعْتُ بأبي العبَّاس أحْمَد فأنْشَدَني - قال: أنْشَدَني الشَّيْخُ مُوَفَّق الدِّين أبو الثَّنَاء مَحْمُود بن أحْمَد الخُجَنْدِيُّ الفَقِيهُ الشَّافِعيّ، لنَفْسِهِ، بسِنْجَار:[من المنسرح]
وجَالَس للدُّرُوسِ يَعْمَهُ في … مَسْلَكِ تيهٍ للأُسْدِ فَرَّاسِ
في جُدُرٍ أُلِّفَتْ مَسَاكِنُها … من غَصْب وَالٍ ومَكْسِ مَكَّاسِ
يَنْهَى عن الظُّلْم في دِرَاسَتهِ … وأُكْلُهُ مِنْ مَظَالِمِ النَّاسِ
تَقْطَعْهُ في مَعْرَكِ الجِدَالِ وَمَا … في طَلَلٍ بالوُقُوفِ مِنْ بَاسِ
أنْشَدَني تَقِيّ الدِّين أبو العبَّاس الحَوْرَانيّ بمِصْر لنَفْسِه وقال لي: هذه الأبْيَات أنْشَدتُها ببَغْدَاد حين اسْتَدْلَلتُ في المَسألَة، ومَدحتُ بها المُسْتَنْصِر [من الوافر]