للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السُّؤَّال، فقال له رَجُلٌ شَيْخٌ من الحاضِريْن: اجلِس حتِّى نفرُغَ، فلمَّا فَرغُوا أخذَهُ إلى داره، وسَلَّطَ عَبْدين لهُ عليهِ، فكَتَّفاهُ وأوْجَعَاهُ ضرْبًا، ثمّ قَطع لِسَانَهُ، وقال: أخْرُج إلى الّذي طلبْتَ لأجلِهِ ليردّ عليك لسَانك، فجاء وهو مَقْطُوع اللِّسَان تُجاه الحُجْرة المُقَدَّسَة يَسْتَغِيث ويقُول: يا رسُول اللهِ، تَعلم ما قد جَرَى عليَّ في مَحَبَّة صاحبِكَ، فإنْ كان صاحبُكَ على حَقٍّ أُحبُّ أنْ يرجع إليَّ لِسَاني، فإنْ لم يَرْجع إليَّ لسَاني وإلَّا شَكَكْتُ في إيْمَاني، قال: فبينما هو في أثناء اللَّيْل، إذ اسْتَيْقَظ فوجَد لِسَانَهُ في فِيْهِ كا كان قبل قَطْعِه.

ثمّ عادَ في مثل ذلك اليَوْم في العام المُقْبل إلى القُبَّة المَذْكُورَة، وقام وقال: أُريدُ في مَحَبَّة أبي بَكْر الصِّدِّيْق دِيْنارًا مِصْريًّا، فقال لهُ حَدَثٌ من الحاضِريْن: اقْعُد حتَّى نَفْرُغ، فلمَّا فَرغُوا أتى بهِ ذلك الحَدَثُ إلى تلك الدَّار الّتي قُطع فيها لِسَانهُ، فأدْخَلهُ إليها، وأجْلَسَهُ في مكانٍ مَفْرُوشٍ، وأحْضَر له طبقَ طَعَام، ووَاكَلَهُ واسْتَزادَهُ في الأكل حتَّى اكْتَفى، ثمّ رفَع الطَّعَام وفَتح بيتًا، وجَعَل الفَتَى يَبْكي، فقام عُمَر المَذْكُور ليَنْظُر سبَب بُكائِه، فرَأى قِرْدًا مَرْبُوطًا عندَهُ وهو يَنظُر إليه ويَبْكي، فسَألَهُ عن ذلك، فازْدَادَ بُكاؤهُ وارْتَفَع نَحِيْبُه، ثمّ سَكَّنهُ حتَّى سَكَن، وسَألَهُ عن ذلك القِرْد ما هو؟ فقال لي: إنْ حلفْتَ لي أنَّك لا تَحْكِي هذه الحِكايَة فِي المَدِيْنَة المُقَدَّسَة أخبرتُكَ. فحلفَ له بما اسْتَحْلَفَهُ أنَّهُ لا يُخْبر بها أحدًا في المَدِيْنَة النَّبَويَّة، فقال لهُ: اعْلم أنَّهُ أتانا شَخْصُ في العام الماضي وطَلَبَ شيئًا في قبَةِ العبَّاسِ الَّتي أتيْتَ إلينا العامَ فيها، وسَألَ شيئًا في مَحَبَّةِ أبي بَكْر الصِّدِّيْق، وكان والدِي من فُقَهَاء الإمامِيَّةِ وعُلَماء الشِّيْعَة ممَّن يُرْجَع إلى فُتْياهُ وقَوْله في مَذْهَبهِ، فسلَّطَ عليه عَبْدَين له، فكَتَّفَاهُ وأوْجَعَاهُ ضَرْبًا، ثمّ قَطَع لِسَانَهُ وأخرَجَهُ وقال: اذْهَبْ إلى الّذي طلبتَ لأجْلِه ليرُدَّ عليكَ لسَانك، فلمَّا كان في أثْناءِ اللَّيْل صَرخ أبي صَرْخةً عَظِيمَةً فاسْتَيْقَظنا لها، فوَجَدْناهُ قد مُسِخَ قِرْدًا، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>