للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الخَطِيبُ (١): وكان الأَثرم فيمَن يُعَدّ في الحُفَّاظ والأذْكياء، حتي، حتَّى قال فيهِ يَحْيَى بن مَعِيْن - ما حُدِّثتُ عن عَبْد العَزِيْز بن جَعْفَر الحَنْبَلِيّ، قال: حَدَّثَنَا أبو بَكْر أحْمَد بن مُحَمّد بن هارون الخَلَّال، قال: أخْبَرَني عَبْدُ اللّه بن مُحَمَّد، قال: سَمِعْتُ سَعِيد بن عَتَّاب، يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن مَعِيْن يقول: - كان أحَدُ أبَوَي الأَثْرَم جِنِّيًّا!.

وقَال الخَلَّال أيضًا أخْبَرَني أحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْد اللّه بن صدَقَة، قال: سَمِعْتُ أبا جَعْفَر بن إشْكاب (a) يقول: سَمِعْتُ يَحْيَى بن أَيُّوب، وذَكَرَ الأثْرَم، فقال: أحَدُ أبَوَيهِ جِنِّيٌّ.

وقال الخَلَّال: أخْبرَني أبو بَكْر بن صَدَقَة، قال: سَمِعْتُ إبْراهيم الأصْبَهَانِيّ يقول: الأَثْرَم أحْفَظُ من أبي زُرْعَة الرَّازِيّ وأتْقَن.

قال الخَلَّال: وكان عَاصِم بن عليِّ بن عَاصِم لمَّا قَدِمَ بَغْدَاد، طَلَبَ رَجُلًا يُخَرِّج له فَوَائِد يُمْلِيها، فلم يُوْجَد له في ذلك الوَقْت إلَّا أبو بَكْر الأَثْرَم، فكانَّهُ لمَّا رآهُ لم يَقَعْ منهُ موقع (b) لحَدَاثَة سِنِّهِ، فقال له: أَخْرِجْ كُتُبَكَ، فجعل يقُول له: هذا الحَدِيْث خطأٌ، وهذا الحَدِيْث كَذَا، وهذا غلَطٌ، وأشْيَاء نحو هذا، فسُرَّ عَاصِمٌ بهِ، وأمْلَى قريبًا من خَمْسينَ مَجْلِسًا، فعُرِضَتْ على أحْمَد بن حَنْبَل فقال: هذه أحَادِيْث صِحَاحٌ.

وكان يَعْرِفُ الحَدِث ويحفَظُه، ويَعْلم الأبْوَابَ والمُسْنَدَ، فلمَّا صَحِبَ أحْمَد بن حَنْبَل، ترَكَ كُلَّ ذلك، وأقْبَلَ على مَذْهَب أبي عَبْد اللّهِ. فسَمِعْتُ أبا بَكْر المَرُّوذِيّ يقُول: قال الأَثْرَم: كنتُ أحفَظُ - يعني الفِقْه والاخْتِلَاف - فلمَّا صَحِبَ أحْمَد بن حَنْبَل تَرَكْتُ ذاك كُلَّه، وليسَ أُخالفُ أبا عَبْد اللّه إلَّا في مَسْألَةٍ واحدةٍ، ذكَرَها المَرُّوذِيّ، قال: فقُلتُ لَهُ: فلا تُخالفْهُ أيضًا في هذه المَسْألَة، وكان معَهُ تَيَقُّظٌ عَجِيبٌ جدًّا.


(a) الأصل: شكاب، وهو الحَافِظ أبو جَعْفَر مُحَمّد بن إشكاب البَغْدَادي (ت ٣٦١ هـ). الوافي بالوفيات ٢: ٢٢٩.
(b) تاريخ بَغْدَاد: بموقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>