يفْتَرُّ عن عَذْب المَرَاشِف وَاضحٍ … مُرُّ الصَّبَابَة دونَ حُلْو مَذاقهِ
يَسْقِي لَمَاهُ سَليم عَقْرَب صُدْغه … فيَنُوبُ منهُ الرِّيقُ عن درْيَاقهِ
دَقَّتْ مَعَاني حُسْنه ولقدَّه … عَبِثَ الأنَامُ من القَنَا بدِقَاقِهِ
وَسْنَان يُقْلقُني تَوَعُّدُ طَرْفه … ويَوَدُّهُ قَلْبِي على إقْلَاقِهِ
يَهْوَى المِطَالَ ولو بأَيْسَر مَوْعدٍ … ويَصُدّ حتَّى الطَّيْفَ عن مُشْتَاقهِ
وَقَفَ الجَمَالُ على مَحَاسِن وَجْهِهِ … حتَّى ظَنَّنا الحُسْنَ من عُشَّاقِهِ
يا مُحْرقًا قَلْبًا أقَامَ برَبْعهِ … ألَّا كَفَفْتَ جَفَاكَ عن إحْراقِهِ
رِفْقًا بصَبّكَ إنْ أرَدْتَّ بَقَاءَهُ … يَكْفيهِ ما يَلْقَاهُ من أشْوَاقِهِ
أَطْلَقْتَ أَدْمُعَ عَيْنِهِ يَوْم النَّوَى … وفُؤَاده أحْكْمتَ (a) شَدَّ وَثَاقِهِ
أسْهَرتَهُ وأَسَلْتَ مُقْلَتَهُ دَمًا … أتُرى ذَبَحْتَ النَّوْمَ في آمَاقِهِ
وهذا المَعْنَى سَبَقَهُ به ابن قَلَاقِس في قَوْله (١): [من المنسرح]
فليتَ شِعْري وقد بَكيتُ دَمًا … هل ذُبِحَ النَّوْمُ بَيْنَ آمَاقِي
وأنْشَدَنا ابن الحَلَاوِيّ أيضًا لنَفْسِه: [من الطويل]
تَبَدَّتْ فأَوْدَى بالقَضِيْب اعْتِدَالُها … وأَرْبَى على نَقْصِ الهِلَالِ كَمَالُهَا
وفَاهَتْ منَ الدُّرِّ الثَّمينِ بمثْلِهِ … وأزْرَى على السِّحْرِ الحَرَامِ حَلَالُها
فما الحُسْنُ إلَّا مَا حَوَاهُ لثَامُهَا … وما الغُصْنُ إلَّا ما أرَاهُ اخْتِيَالُها
منَ التُّرْكِ في رَشقِ السِّهَامِ وإنَّها … ليُعْزَى إلى حَييَّ هِلَالٍ هِلَالُها
تَصُولُ بمَيَّادِ القَوَامِ بمثْلِهِ … تَكرُّ إلى قَتلِ الرِّجَالِ رِجَالُها
(a) ابن الشعار: وحكمت.