للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَفِرْتُ فيها بِهِمُ مِرَارَا … وكُلُّهُمْ يلتَمسُ الفِرَارَا

كَم قَدْ قَتَلتُ وسَبَيْتُ الأرْمَنا … والرُّومَ لكِنْ ليسَ للرُّوْم فَنَا

والسَّعيُ قد قابَلَني بسَعْدِ … يمشِي مع الإقْبَالُ سَعي العَبْدِ

والدَّهْرُ ليَ غَضُّ وغُصْني نَاضِرُ … وطَالِبُ الدُّنْيا إليَّ نَاظِرُ

أُعْطِي ولا يرْجعُ عنِّي مَنْ طَلَبْ … إلَّا بما يَهْوى وَلَوْ كانَ السَّلَبْ

سقيًا لدَهْرٍ مرَّ ليْ ما أطْيَبَهْ … لا يُحوِجُ الرِّزْقُ إلى أن أطلُبَهْ

والعِزُّ تِرْبي والحُسَامُ خِدْني … يقرُبُ منِّي ما يغِيْب عنِّي

فليتَ شِعْري كَم بَقيْ من عُمْري … وما الّذي يَجْري عليه أَمْرِي

قَدْ قلتُ لمَّا ضَاقَت المَذَاهِبُ … أسْتَغْفِرُ اللّهَ فإنِّي تَائِبُ

ما تصْلُحُ الدُّنْيا بخَلقٍ بَعْدي … إلَّا لمَنْ يَزهَدُ فيها زُهْدِي

قد نلتُ منها كُلَّ ما أُرِيدُ … وعشْتُ فيها وأنا سَعِيْدُ

وكُنت لا أعْبَا بذِكْر المَوْتِ … أطلُبُ ما أهْوَى حذَارَ الفَوْتِ

فاليَوْم قد خِفْتُ وخَافت نفسِي … من ضَغْطَةِ القَبْر وضِيْق الرَّمْسِ

يا رَبّ فارْحَمْ ضَعْفَ عَبْدٍ خَاطي … يَخَافُ يَوْمَ البَعْث والصِّرَاطِ

أخَافُ ما أعرِفُهُ مِن جَهْلي … ومن ذُنُوبي وقَبِيْح فِعْلِي

ما ليَ في يَوْم الحِسَابِ عُذْرُ … ولا على نَارِ الجحيِمِ صَبرُ

ذِكِرِيْ لِمَا قد كان في الشَّبِيْبَهْ … يُجَدِّدُ الحَسْرَةَ والمُصِيْبَهْ

اللّهُ حَسْبي وعليهِ أَعْتَمِدْ … فقد زَهدْتُ والسَّعِيْدُ مَنْ زَهِدْ

قَراتُ في حَوَادِث سَنَة خَمْسٍ وثمانين وثَلاثِمائة من تَاريخ مُختَار المُلك مُحَمَّد بن عُبيدِ اللّه بن أحْمَد المُسَبِّحيّ قال: ولأرْبَع عشرة ليلَةٍ خَلَتْ من شَهر رَبيع الأوَّل تُوفِّي أحْمَد بن مُحَمَّد العُقَيْلِيّ، وذَكَرَ له هذه المُزْدَوَجَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>