للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بادَرْتُ بالرُّوم إلى الأَمِيرِ … وبالظِّبَا والصيدِ والحَمِيرْ

قُلتُ لَهُ: اسمَع خبَرَ الدُّمُسْتُقِ … وسِرْ فإنِّي سَائرٌ كي نَلتَقِي

عليهِ إنْ حَلَّ بأرْض الجُومَهْ (a) … فَهي عليهِ سَفْرَةٌ مَشْؤُوْمَه

فسَار لمَّا جاءَهُ رسُولي … سَيْر هُمَامٍ قَائِلٍ فَعوُلِ

لمَّا اجْتَمَعْنا قال: قَد صَحَّ الخَبَرْ … قلتُ لهُ: ابشرْ فَلَكَ اليَوْمَ الظَّفَرْ

قالوا لنا: قدْ نَزلُوا بمِشْحَلَا (b) … قلْتُ لهم: حَلَّ بهم منَّا البَلَا

حتَّى إذا ما انْتَشَرتْ خَيْلُ العِدَى … ونَهَبَتْ بعضَ الضِّيَاعِ والقُرَى

سِرْنَا وسَيْفُ اللّهِ (c) في عَدُوِّهِ … يفري ولا نفرَقُ من نُبُوِّهِ

قالَ: اتبعُوني قد رأيتُ الجنَّهْ … مَفْتُوحَةً وعَلِّقُوا الأعِنَّهْ

فقاتِلُوا بالحَقِّ أهْلَ البَاطِل … والسَّيْفُ في الأعْدَاءِ خَيرُ فَاصِلِ

لمَّا رَأَوْنا طلبُوا منَّا الهَرَبْ … وسَارَ في إثرهِمُ سَيْرَ الطَّلَبْ

لَم تَرَ عَيْني مثْلَ ما رأيْتُ … هذا وقَدْ قاسَيْتُ ما قاسَيْتُ

عِشرينَ ألفًا هلكَتْ نُفُوسُهُمْ … وحُمِلَتْ في وَقْعَةٍ رُؤوسُهُمْ

على دَوَابِّ الرُّوِم والبغَالِ … تقُودُهَا الأسْرَى من الرِّجَالِ

فكانَتِ الأسرَى فُويْقَ الأَلْفِ … ما فيهِمُ مُتَّهَمٌ بضَعْفِ

ونَهَبَ النَّاسُ من الدَّوَابِ … ومن سِلَاح الرُّوم والثِّيَابِ

ما ليسَ يُحْصَى بالحِسَاب والعَدَدْ … فكم فتى للّهِ شُكْرًا قد سَجَدْ

وعَاد ثَانِي يَوْمِهِ الأَمِيرُ … وما لهُ نِدٌّ ولا نَظِيرُ

فالحَمدُ للّهِ على ما كانَا … فكَم رأيتُ ظَفَرًا عيَانَا

كَم وقْعَةٍ بالرُّوْم والأعرَابِ … بَني تَمِيمٍ وبَني كِلَابِ


(a) كتب ابن العديم في الهامش: "الجومة كورة بين العمق وحلب"، وتقدم التعريف بها في الجزء الأول.
(b) كتب ابن العديم في الهامش: "مشحلا: قرية بناحية عزاز؛ بينها وبين الجومة، قد ذكرناها في المزارات".
(c) في الهامش بخط ابن العديم: "أظنُّه يريد الأمير سيف الدولة".

<<  <  ج: ص:  >  >>