سِرتُ وِسَارَ القَوْمُ بالسُّرُورِ … نُعِيدُ ما كانَ منَ الطُّيُورِ
حتَّى مَرَرنا بشَفِيرِ وَادِ … إذا بشِبْلَيْنِ على مِيْعَادِ
قلتُ لوَهَّاقٍ معي: خُذْ الوَهَقْ … وارْم بِهِ إنْ كانَ في الحَبل حَلَقْ
ثمَّتَ دُرْنَا حوْلها بالخيلِ … فشَدَّهَا الوَهَّاقُ قبل اللَّيْلِ
ثُمَّ حَمَلْنَاهَا وسِرْنا نَجْري … خَوْفًا منَ اللَّيْثِ لئلَّا يدْري
حتَى إذا صِرْنا إلى الزَّيتُون … إذا بخَيْل الرُّوم في الكَميْنِ
وَهْو لعَمْري مَوضعٌ مَحْذُورُ … فيه اللّصُوصُ أبدًا تَدُورُ
لمَّا رأَوْنا اجْتَمَعُوا وقالوا: … لنا الأمَانُ، قُلتُ: ذَا مُحَالُ
واللّهِ لا أُوْمِنُ إلَّا مَنْ المنَطَقْ … بالحقِّ فيما قالَهُ ومَنْ صَدَقْ
قالُوا: علينا لكَ صدْق المَنطِقِ … نحنُ ترَكنا عَسْكَرِ الدُّمُسْتُقِ
ليلًا وقَدْ مَرَّ على سَرتينِ (a) … ثُمَّتَ خلَّاهَا على اليَمِينِ
وعزمُهُ أنْ يَنزلَ البَدْرِيَّهْ … ليلًا ومنها يُخْرجُ السَّريَّهْ
نَعمْ ولا بُدَّ مِنَ الكَميْنِ … في مَوضعٍ يَخفَى عن العُيُونِ
فاسْتَبْقِنا فكُلُّنا ذُو حَالِ … بالمالِ نُفدَى ثمّ بالرِّجَالِ
قلتُ: لكُلْ ما قَدْ طَلبتُم منِّي … واللّهِ لا يُروَى القَبِيْحُ عنِّي
فسِرْتُ بالقَوْم وقد طَارَ الخَبَر … وخَرَجَ النَّاس جَمِيعًا للنَّظَرْ
وافتَرَقَ العَسْكَرُ كُلُّ قد حَمَلْ … ممَّا أصَبْنَاهُ وممَّا قَدْ قَتَلْ
وفُرِّقَ الباقي على أهْل البَلَدْ … فعمَّهُمْ طُرًّا وزَادَ في العَدَدْ
فأيّ يَوْمٍ مثْل ذا تُرَاهُ … يشَهَدهُ مَن صَادَ أوْ يَرَاهُ
فقُل لمَنْ صَاد زَمانًا واجْتَهَدْ … هذا هَوَ الصَّيْدُ فَمن شَا فلْيَصِدْ
أنا العُقَيْلي وهذا صَيْدِي … يتلَفُ مَن كايَدَني بكَيْدِي
(a) كتب ابن العديم في الهامش: "موضع".