حتَّى اسْتَوَيْنا وَهيَ في البَطْحاءِ … بأَكلُبٍ شَدَّتْ على الظّبَاءِ
فَكم مَهَاةٍ هَلكتْ بطَعْنَهْ … ورَمْيَةٍ تَمكَّنَتْ في الثَّفْنَهْ
وكم حمارٍ كسَرَتْهُ حَذْفَهْ … وضربةٍ تَقُدُّ منه كتْفَهْ
وكم غَزَالٍ أخَذَتْهُ الخَيلُ … حَلَّ بهِ منها هُنَاكَ الوَيْلُ
وثابت الأكلُبُ والصُّقُورُ … والصَّيْدُ قد لَاحَ لها الكَثِيْرُ
قُلتُ: اجْمَعُوا الصَّيْدَ وشُدُّوْهُ شلَلْ … ممَّا أصَبْنَا بالسُّيُوفِ والأَسَلْ
فَجَمَّعُوا ما صِيْدَ بالكِلَابِ … وبالصُّقُورِ الفُرْهِ في الشِّعَابِ
ثُمَّتَ جَاءُوا بنَعامَتَيْنِ … أحْسَنَ ممَّا أبْصَرَتْهُ عَيْني
قد شُدَّتَا وسِيْقَت في حَبْل … كَعَاشِقَيْنِ اجتَمَعا للوَصْل
رأيتُ صَيْدًا لا يُرَى نَظيرُهُ … غزلانُهَا تقدُمُهَا حَمِيرُهُ
وبَقَراتٌ حُمَّلٌ تُسَاقُ … كأنَّها في سَيْرها الرِّفَاقُ
قلتُ: اجْمَعُوا صيْدَكُمُ وسِيْروا … فما لصَيْدِ يَوْمكُم نَظيْرُ
سْرنَا وقد حَانَ أوَانُ الظُّهْرِ … حتَّى نَزَلنا فَوْقَ شَطِّ النَّهْرِ
قلتُ: اسْتَريحُوا ثمّ صَلُّوا وكُلُوا … ثُمَّ اشرَبوا الرَّاحَ هَنيَّا وارْحَلُوا
وأجَّجَ الطَّبَّاخُ نارًا هَائِلَهْ … يقلي ويَشوِي والنُّفُوسُ مَائِلَهْ
إلى فِرَاخِ القَبْج والدُّرَّاجِ … والرَّاحَ إذ تُشرَبُ في الزُّجَاجِ
وكُلُّنا يَذكُرُ ما قد كانَا … وما رأتْهُ عَينُه عِيَانا
قُمنا جَمِيعًا كُلُّنا قد هَالَهْ … ما قَدْ رَأى وسَرَّهُ ما نَالَهْ
قُلتُ: كَذَا الإقْبَالُ يا مَوْلَانا … باللّهِ لا تُعلمْ بذَا سِوَانَا
قُلتُ: كُلُوا أحْوِيِكُم مَشْويَّهْ … فإنَّها بنِيَّة سَريَّهْ
وقُلتُ لمَا شَربُوها رَاحَا … وكُلّهُم قَدْ طابَ واسْتَرَاحا
سِيْروا بنا نَدْخُلُ بالنَّهَارِ … لينْظُرُ النَّاسُ إلى اسْتِظْهَاري