قُلتُ لهُ: ارْكَبْ مُسْرِعًا فما رَكِبْ … حتَّى نزَلتُ والجُبَارَى تَضطَرِبْ
ثُمَّ إذا الغِطْريفُ فَوْقَ الثَّاني … أرَاهُ مِنْ بعدٍ ولا يَرَاني
فصِحْتُ بالصَّيَّادِ: خُذْهُ من يَدِهِ … فطَيْرُنا مُجْتَهدُ في طَرَدِهِ
وقلتُ للقَوْم وقد صَاحَ الحَجَلْ … مُذكّرًا بنَفْسِهِ لمَن عَقَلْ
هذا لعَمْريْ وقْتُ صَيْدِ البَاشِقِ … والزّرَّقَانِ سَلوَةٌ للوَامِقِ
كِبارُها نأخُذُها في البُنَّجِ … والفَرْخُ تَعْلِيقًا ولمَّا يَدْرُجِ
حتَّى أخَذْنَا مائةً وأرْبَعَهْ … رأيْتُها في مَوضِع مُجْتَمِعه
فيَا لَهُ مِن فَرَحٍ على فَرَحْ … نَأخُذُ من طَيْر الفَلَاةِ ما سَنَحْ
لمَّا أتَيْنَا النَّهْرَ نبغي الطَّرَدَا … نَكُدُّ ما نُبْصِر منهُ نَكَدا
إذا النَّعَامُ والحَمِيْرُ والبَقَرْ … في فَيءِ زَيتوِنٍ وتَيْنٍ وشَجَرْ
قالَ ليَ الصَّيَّادُ: ذَا يَوْمُ ظفَرْ … والصَّبْرُ عقْبَى خَيْرِهِ لمن صَبَرْ
فابْعَثْ بخَيْلٍ تأخُذُ المَضَائِقَا … واخْتَرْ منَ الخَيْل الطِّمِرَّ السَّابِقا
ووَصِّهِمْ بصَيْدِهِ منَ الجَبَلْ … فكُلُّ ما (١) عَادَ إلينا قد حَصَلْ
بعثت مَنْ عَيَّنْته للوَقْتِ … سَبْعًا وسَبعًا وُصِلَتْ بسِتِّ
ثُمَّ عَبَرْنا النَّهْرَ بعدَ مَرِّهِمْ … نَسِيرُ سَيْرًا لَيِّنًا في إثْرِهِمْ
حتَّى إذا صُرْنَا حِذَا الزَّيْتُونِ … وقد قَرُبنا من أُصُول التِّيْنِ
إذا الظِّبَاءُ أَجْفَلَتْ تَطِيرُ … اتَّبَعَتها بَعْدَها الحَمِيْرُ
ثُمَّ إذا سِرْبُ النَّعَام والبَقَرْ … نافرةٌ قد طَلَبَتْ منها الأثَرْ
قلتُ لهُمْ: خَلُّوا الكِلَاب طُرَّا … ولا تُخَلُّوا فَوْقَ كفٍّ صَقْرَا
فأدْبَرتْ هَاربَةً فِرَارَا … والمَوْت قد حاصَرَها حصَارَا
قد أخَذَتْ طُرْقُ الفَلَا عليها … وكُلُّنا مُنكَمشٌ إليها
(١) في الأصل موصولة: فكلما.