للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في كتاب قُضَاة مِصْر، تأليفُ أبي مُحَمَّد الحَسَن بن إبْراهيم بن زُوْلَاق (١) الّذي وَصَل به كتاب أبي عُمَر الكِنْدِيّ، في ذِكْر القَاضِي أبي جَعْفَر أحْمَد بن عَبْد الله بن مُسْلِم بن قُتَيْبَة بن مُسْلِم الدَّيْنَورِيّ وذَكَر أنَّهُ كان يَحفظ كُتُب أبيه.

قال: وكان مَجْلسه مُحشُوًا من عُيُون النَّاس، فكان يردُّ اللَّفْظَة والشَّكلة وما معه نُسْخة، وذَكَرَ أنَّ أباهُ حفَّظَهُ كُتُبه في اللَّوح.

قال: وكان أحْمَد بن مَرْوَان المالِكيِّ القَاضِي قد قَدِمَ إلى مِصْر قَديْمًا، فحدَّثَ بكُتُب ابن قُتَيْبَة في جُمْلَة ما حدَّث، ثمّ سَافَرَ إلى أُسْوَان، فأقام بها سِنين كَثِيْرةً، وحَدَّثَ عنهُ النَّاسُ بالكُتُب قال: فَحدَّثَني أحْمَد بن مَرْوَان في سَنَة ثمان وعشرين قال: وَلي ابنُ قُتَيْبَة قَضَاء مِصْر، وبلَغَني ذلك فجاءني كتاب أبي الذِّكْر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مَهْدِي يقُول لي فيهِ: خاطَبْتُ القَاضِي في أمرك - يعني ابن قُتَيْبَة - فوعَدني بإنْفاذ العَهْد إليك، فلمَّا ذَكَرْتُ له أنَّك تَرْوي كُتُب أبيه بداله، وقال: أنا أعْرفُ كُلّ من سَمِعَ من أبي، وما أعْرف هذا الرَّجُل، فإنْ كانت عندك عَلامة فاكْتُب إليَّ بها، فقال لي أحْمَد بن مَرْوَان: فكَتَبْتُ إليه بعَلَامَات يعلَمها سَخَّمَت وَجْهَهُ من فَوْق إلى أسْفل، وكان فيما قاله أحْمَد بن مَرْوَان أنَّه كَتَبَ إليه أنَّه يَعْرف أحْمَد بن عَبْد الله بن مُسْلِم صبيًّا في حَيَاة أبيه يَمْشِي حافيًا يَلْعَب بالحَمَام مع العَيَّارين، قال: ولقد رأيتُه يَوْمًا ونحن عند أبيه وقد أقْبَل حافِيًا (a)، وهو في يَده حَمَام، فأطْلقه ونحنُ نَراه، فلمَّا وصَلت العَلامَاتُ إليه، كَتَبَ إليَّ: ما عَرَفتُكَ، وأنْفَذَ إليَّ العَهْد.


(a) الأصل: حافي، وفوقها "صـ".

<<  <  ج: ص:  >  >>