للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قد كَانَ مَشْغُولًا بدَرْس (a) عِلْمِهِ … فاليَوْمَ لا عِلْمٌ بقي ولا عَمَل

ومن جَيِّد شِعْره قَوله، ورَوَاهُ النَّقَّاشُ عنهُ (١): [من مجزوء الكامل]

رَاضٍ بحُّكمُ هَوَاك وَاجِدْ … فعَلَامَ أنْتَ عليَّ وَاجِدْ

ما كانَ لي ذَنْبُ سِوَى … أنِّي سَهرْتُ وأنْتَ رَاقِدْ

نَقَلْتُ من خَطِّ أبي حَفْصٍ عُمَر بن الخَضِر بن ألَلْمَش بن الدِّزْمِش (b) التُّرْكيِّ المُتَطَبِّب الدُّنيْسَرِيّ في كتابه الّذي وَسَمَهُ بحلْيَةِ السَّريّين من خَوَاصّ الدُّنيسَرِيِّيْنَ (٢)، قال في ذِكْر أبي العبَّاس الخَزْرَجيّ: هو أوَّلُ مَنْ درَّسَ بالمَدْرسَة الشِّهَابيَّة بدُنَيْسَر، فَقِيْهٌ فَاضِلٌ مُفَنَّنٌ، عَارِفٌ بكَثِيْر من عُلُوم (c) الأُصُول والفِقْه والنَّحو وسَائر الآدَاب، شَهِدَ لهُ بذلك جَمَاعَةٌ من العُلَمَاءِ.

قال (٤): قال لي أبو مُحَمَّد بن عِرْبِد النَّحْوِيّ: كان أبو العبَّاسِ، رَحِمَهُ اللهُ، حَدِيدَ النَّظَر، سَدِيْدَ الفِكْر، عَجَيْبَ الفِقَر، غَريب السِّيَر، حَسَنَ التَّبَحُّرِ في العُلُوم، سَليمَ التَّصَوُّر فيما يُبْدي من المَنْثُور والمَنْظُوم، جَيِّد الفَكَاهَة، مُتَزيَّد النَّزَاهَةِ، لطيفَ الشَّمَائِل، طَرِيفَ المخَايل، لَم أرَ في عُلَماءِ عَصْره ومَعْشَره أتَمَّ من بَحْثهِ، ولا أدَقَّ من نَظَره. ولهُ (٣) تَصَانِيْف في فُنُون كَثِيْرة، وشِعْر كَثير، ولم يَظْهر له عندنا سَمَاعُ حَدِيثٍ على طَريق الرِّوَايَةِ البتَّة، بل كان يَذْكُر لنا أنَّ له سَمَاعَاتٍ كَثِيْرة، وقد


(a) في الغصون اليانعة: بدارس.
(b) ضبطه الصفدي في الوافي بالوفيات ٢٢: ٤٥٨: ألْدُزْمِش.
(c) في تاريخ دنيسر والمنتخب من الحلية: علم.
(d) في تاريخ دنيسر: قلت: وله.

<<  <  ج: ص:  >  >>