للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيْرحَمُ اللهُ امْرءًا زَارَني … وقال لي: يَرْحَمُكَ اللهُ

ولمَّا حرَّر السُّلْطان المَلِكُ الظَّاهِر، رَحِمَهُ اللهُ، خَنادق حَلَبَ، ووُضع تُرَابُها على المَقَابِر القَريبة منها خارج باب قِنَّسْرِيْن، خافَ الحَكِيم نَافِع بن أبي الفَرَج بن نَافِع أنْ يُوْضَع التُّراب على قَبْر ابن مُنِير فيَمحي ويُدْرَس أثره، فنَبَشَه ونَقَل عِظَامَه وحَوَّل قَبْره إلى سَفْح جَبَل جَوْشَن بالقُرْبِ من مَشْهَد الحُسَين، وقَبْره الآن ظاهرٌ هُناكَ، وكان في تُرْبَة بني المَوْصُول بالقُرْبِ من قَبْر ابن أبي نُمَيْر العَابِد.

أخْبَرَنا أبو مَنْصُور عبد الرَّحْمن بن مُحَمَّد بن الحَسَن، فيما أَذِنَ لنا في روَايَته عنْهُ، قال: أخْبَرَنا أبو القَاسِم بن أبي مُحَمَّد (١)، قال: قَرأتُ بخَطِّ صَدِيْقنا أبي إسْحاق إبْرهيم بن مُحَمَّد بن أحْمَد القَيْسِيّ، وكان صَدِيْقًا لابن مُنِير، وعنده اخْتَفى لمَّا اخْتَفى (a) بمَسْجِد الوَزِير، قال: حَدَّثني الخَطِيبُ السَّدِيْد أبو مُحَمَّد عَبْدُ القَاهِر بن عَبْد العَزِيْز خَطِيب حَمَاة، قال: رأيتُ أبا الحُسَين بنَ مُنِير الشَّاعرِ في النَّوْم بعدَ مَوْته وأنا على (b) قُرْنَة بُسْتَان مُرْتَفعة، فسَألتُه عن حَالهِ، وقُلتُ لهُ: اصْعَد إلى عندي، فقال: ما أقْدر من رَائحتي، فقُلتُ: تَشْربُ الخَمْرَ؟ قال: شَرٌّ من الخَمْر خَطِيب، فقُلتُ: ما هو؟ فقال: تَدْري ما جَرَى عليَّ من هذه القَصَائِدِ الّتي قُلْتُها في مَثَالِب النَّاسِ؟ فقُلتُ لَهُ: ما جَرَى عليكَ منها؟ فقال: لسَاني قد طال وثَخُن وصار مَدَّ البَصَر، وكُلّما قَرَأتُ قَصِيدَةً منها قد صَارَت كُلَّابًا يتعلَّقُ في لسَاني، وأَبْصَرْته


(a) ابن عساكر: اختبئ.
(b) ابن عساكر: وأبا عليّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>