للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان فَاضِلًا، شَاعِرًا، رَئيسًا، صَنَّفَ له مُحَمَّدُ بن أبي مُحَمَّد بن ظَفَر كتَابًا وَسَمَهُ بخير البِشَر بخير البَشَر؛ ذَكَر فيه فَضَائِل النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَوْلدَهُ، وقال في مُقَدِّمَته (١): أمَّا بعدُ، فإنَّ لله سُبْحَانَهُ ضَنَائنَ من عِبَاده (a)، حَلَّى بهم عَوَاطل بلادِه، فَجَعَلَهُم رَحْمَةً مُهدَاةً، ونِعْمَةً مُسْدَاةً، ومِنَّةً مُعَادَةً (b) مُبْدَاةً، هَمُّهُم أنْ يُجِيْروا من لَهَافَة (c) الغُلِّ أسِيْرًا، ويَجْبُرُوا من زَمانَة (d) القُلِّ كَسيرًا، ويَصُونُوا عن خَسْفِ الغِيَر وَجِيْهًا، وَيُعِيْنُوا على كُلَف المُرُوءَة نَبِيهًا.

وإنَّ من أرْفَعهم نَفْسًا وقَوْمًا، وأنْفَعهم أمْسًا ويَوْمًا، أخي ووَلييِّ في الله سُبْحَانَهُ، الشَّيْخ الأجَلّ الرَّئِيس الحَسِيْب، العَالَم الحَبْر، الفَاضِل، صَفِيَّ الدِّين أبو الرِّضَا (e) أحْمَد بن هِبَة الله بن أحْمَد بن عليّ بن قُرْنَاص، فهو المُتَوَحّدُ في العَصَبِيَّةِ للعُصْبِة العلْميَّة، والفِئَة (f) الأدَبيَّة، في عَصْرٍ صَحَتْ به سَمَاؤُهُم، وكُشطَت أسماؤهُم، وأُوسِعُوا جنَفًا وخُسْرًا، وأُرهقُوا من أمْرهم عُسْرًا.

فهو المَهْدِيّ إلى نَفَائِس الصَّنَائع، المَعْنيِّ بتَوْضيع المُتَكبِّر، وتَكْبير المُتَواضِع، فأجْزَل اللهُ له المَوَاهِب، وأحْمدَ العَوَاقِبَ (g)، وصَرف عن عَلائهِ الشَّوَائب، ووَقَاهُ مَكْرُوهَ النَّوَائِب.

وإنِّي لمَّا هَاجرْتُ مِن المَغَارب القَصِيَّة إلى حَرَم المَمْلكَة النورِيَّة، أهابَتْ بي الأقْدَارُ إلى مَعَاسِف أوْسعتْنِي بَهْرًا، وأرَتْني السُّهَى ظُهْرًا، فبينا أحنُّ إثْرَ الصَّبْر المُزَايل، وأَنُوُءَ تِنْوَاء الفصَال الهَزَايل، تَدَارَكني اللهُ، ولهُ الحَمْدُ، من أخي ووَلِييّ في الله، الحبيبِ (h) الرَّئِيسِ الحَبْر صَفِيّ الدِّين بمَظنَّة مُرْتَاد، وأظْفَرَني بقرَّة عَينْ


(a) ابن ظفر الصقّلي: فإن الله سبحانه وتعالى أقام أقومًا من عاده.
(b) ابن ظفر: مسداة.
(c) ابن ظفر: إهانة.
(d) ابن ظفر: إضاعة.
(e) ابن ظفر: أبا الرضاء.
(f) ابن ظفر: والبيئة.
(g) ابن ظفر: له العواقب.
(h) ابن ظفر: الحسيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>