للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَني جَمَاعَةٌ من أهل سِنْجَار أنَّ أحْمَد بن يَرَنْقُش ماتَ في حَبْسِ قُطْب الدِّين صاحب سِنْجَار بعد أنْ قَبَضَ على جميع ماله ومنعَهُ من الطَّعَام والشَّرَاب، فبلغَ من أمْره أنْ أكل قَلَنْسُوَتَهُ وأكْمامَهُ لشِدَّة الجُوع.

وأنْشَدَني غيرُ واحدٍ من أهل سِنْجَار الدُّوبَيْتي الّذي أنْشَدناه أبو عليّ القِيْلَويّ، وفيه زِيَادَةٌ على ما أنْشدناه أبو عليّ، وذَكَروا أنَّهُ نَظمَهُ في السِّجْن بسِنْجَار، وقد مُنِعَ الماءَ والطَّعَام:

حالي عَجَبٌ وفي حَدِثني عِبَرُ … أشْكُو ظَمأً وعبْرَتي تَنْحَدِرُ

في صَفْو زَمَاننا أتَاني الكَدَرُ … يا منْ ظَلَمُوا تَفَكَّرُوا واعْتَبروا

وأُخْبِرتُ بسنْجَار أنّهُ ماتَ في حَبْسِ قُطْب الدِّين بعد أنْ قَبَضَ على جميع مَالِهِ ومَنعَهُ الطَّعَام والشَّرَاب، ودخَل إليهِ بعضُ مَنْ كان يُشْرف على حالهِ من أصْحَاب قُطْب الدِّين، فقال له: قُل لقُطْب الدِّين يُطْعمني ويَسْقِيْني وأنا أُعْطِيْه ألْفَ دِيْنارٍ لم يبْقَ لي غيرُها. قال: فمضَى ذلك الإنْسان، وأخْبَر قُطب الدِّين بما ذَكَرَهُ، فسَيَّرَ إليهِ طَعَامًا وماءً بثَلْج، وقال للرَّسُول: أدْخلهُ إليه ولا تُمَكِّنه منهُ حتَّى يُعطيكَ الذَّهَب، فلما دَخَلَ به إليهِ نَظَر إليه، فقال لهُ الرَّسُول: لا سَبِيْل لكَ إليه إلَّا بعد أداء ما ذكرت، فقال: والله ما بَقي لي شيءٌ، والّذي لي قد قُبِضَ جميعُه، وإنَّمَا قُلتُ لتطعمُوني وتَسْقُوني، فردُّوا الطَّعَامَ والماءَ، ولم يَتَناول منه شيئًا، وخَرَجُوا من عنده، فنام فرَأى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم في المَنَام، فناوَله شيئًا أكَلُهُ، فزالَ عنهُ الجُوع والعَطَشُ، فدَخَلُوا عليه بعد ذلك فرأوهُ قائمًا يُصَلِّي، فلمَّا فَرغ من صَلَاته أخْبرِهُم بما رَأى، فلمَّا بلغَ قُطْب الدِّين اتَّهَم والدتَهُ أُمّ قُطْب الدِّين بأنَّها أنْفَذَت إليه مَأكُولًا ومشْروبًا، ولم يَزل على ذلك إلى أنْ مات رَحِمَهُ اللهُ.

وحَكَى لي بَعْضُ أهل سِنْجَار أنَّ صاحب سِنْجَار سيَّر إلى أحْمَد بن يَرَنقُش جَمَاعَةً خنقُوهُ وهو في السِّجْن.

<<  <  ج: ص:  >  >>