للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهُ الاسْتدلال بهذا الحَديثِ على فَضْل حَلَب قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم (١): يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ، أَوْ بِدَابِقَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، من خِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ ذَكَره بِحَرف الفاءِ وأنَّها للتَّعقيبِ، والمَدِينَة المَذْكُورة التي يَخرج منها الجَيش (a) هي حَلَب؛ لأنَّها أقربُ المُدُن إلى دَابق، وفي تلك النَّاحيةِ، إنّما يْنطلِق اسم المَدِينَة على حَلَب - عند الإطْلاقِ - لا على يَثْرب كما في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} (٢)، وفي قوله تعالى: {وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} (٣). حيث انصَرَف الإطلاق إلى المَدِينَة التي يُفهَم إرادتها عند الإطْلَاقِ، وقد أخبَرَ (b) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهم من خِيار أهل الأرض، وما زالَت عَساكِر حَلَب في كُلِّ عَصْر مَوْصُوفَة بالمصَابرة والغَنَاءِ، والثَّبات عند المُقَاتَلَةِ واللِّقَاء.

ويُؤَيَّدُ ذلك ما يأتي في فَضْل أَنْطَاكِيَة، من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٤): لا تزالُ طائفةٌ من أُمَّتِي يُقَاتلون على أبْواب بَيْت المَقْدِس وما حَولَها، وعلى أبْواب أَنْطَاكِيَة وما حَولَها، وعلى باب دِمَشْقَ وما حَولَها، ظاهرين على الحَقِّ لا يُبَالُون مَنْ خَذَلَهُم ولا مَنْ نَصَرهم. الحَدِيْث.

لأنَّ الطَّائِفَة. واللهُ أعْلَمُ. هي جَيْشُ حَلَب؛ لأنَّه عليه الصّلاةُ والسَّلام قال: لا تزال طَائفة من أُمَّتِي، وأَنْطَاكِيَة اسْتَولَى عليها الرُّوم سنين عِدَّةَ، ثمّ فَتَحَها


(a) في ك: هذا الجيش.
(b) في ك: أَخْبَرَنَاه

<<  <  ج: ص:  >  >>