للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجَمَّع العِلْمُ في شَخْصَيْن فاقْتَسَما … على البَرِيَّة شَطْرَيهِ وما عَدَلا

جَاءَا أَخْيَري زَمانٍ ما به لهما … مُماثِل وَصَلَ الحَدَّ (a) الّذي وَصَلا

أبو العَلَاء وأبو نَصْر هُما جَمَعَا … عِلْم الوَرَى وهمُا للفَضْل (b) قد كَملَا

هذا كما قد تَرَاهُ رَامحٌ عَلَمٌ … وذاكَ أعْزَلُ للدُّنْيا قد اعْتَزَلَا

همُا همُا قُدْوَةُ الآدَابِ دَانيِةً … طورًا وقَاصِيَةً إنْ مُثِّلَا مَثَلَاه

لولاهمُا لتَفرَّى (ح) العِلْمُ عن حَلَم … أولا فْترى صَاحبُ التَّموِيه إنْ سُئِلَا

يا طَالِبَ الأدَبِ اسْأَلْ عَنْهُما وَأَهِنْ … إذا رَأَيهما أنْ لا تَرَى الأُوَلَا

خُذْ ما تَرَاهُ ودَعْ شيئًا سَمِعْتَ بهِ … فطَلْعَةُ البَدْر تُغْنِي أنْ تَرَى زُحَلَا

قَراتُ في جُزءٍ وَقَعَ إليَّ من رَسَائِل إبْراهيم بن أحْمَد بن اللَّيْث (١)، في رِسَالَةٍ له كَتَبها إلى بَعْض إخْوانه، قال فيها في ذِكْر أبي نَصْر المَنَازِيّ: وأمَّا أبو نَصْر فعتْرَة الخَطَابَة، وعُدَّة الكتَابةِ، ومَنْبعُ العِلْم، ومَعْدِنُ الحِلْم. خَدَم السُّلْطان في مَيْعَة الصِّبي ورَيْعَان الشَّبِيْبَة، فعَفَّتْ عن الدُّنْيا طِعْمَته، وتنزَّهت عن الرَّذَائِل هِمَّتهُ، ثُمَّ انتقَلَ إلى خِدْمَة مَوْلاه، فأدَّى جَمَّهُ وقَضَى حقَّه، وأحْرز (d) من رضاهُ حظَّهُ، فِعْلَ مَنْ هُدِي الطَّريق، وأُوْتي التَّوْفِيق.

قَرأتُ بخَطِّ مُؤيَّد الدَّوْلَة أبي المُظَفَّر أُسامَة بن مُرْشِد بن مُنْقِذ، في كتابه الّذي علَّقه لابن الزُّبير من الشُّعَراءَ الّذين سَأله (e) عنهم ليُوْدِعَهم في كتابه المُسَمَّى جِنَان الجِنَان ورياض الأذْهَان، فكَتَبَ له ما حضَر عندَهُ عنهم، وزادَ فيه ذِكْر جَمَاعَة غيرِهم، وقال فيه - وأنْبَأنَا به أبو الحَسَن بن أحْمَد بن عليّ القُرْطُبيِّ عنه -:


(a) في ترجمة المعري: الجِدَّ.
(b) المقنى: للعقل.
(c) المقفى: تقفر.
(d) الأصل: وأحزر.
(e) الأصل: سألهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>