للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَيَّافَارقِين وأعْمَالهما (a) عند مُعْتَمد الدَّوْلَة أبي المَنيعِ قِرْوَاشِ بن المُقَلَّد أمير بني عُقَيْل؛ يَسْتحلفُونَه على مُعَاهَدَة بُنِيَتْ (b)، ومُعاقَدَة قُرِّرتْ، وفيهم المَنَازِيّ الشَّاعر، فلمَّا حَلَف مُعْتَمدُ الدَّوْلَةِ أنْشد المَنَازِيُّ: [من الخفيف]

كلَّفُوني اليَمِيْن فارتَعْتُ منها … كي يُغَرُّوا بذلك الارْتيِاعَ

ثم أرْسَلْتُها كمُنْحَدرِ السَّيْـ … ـل تَهَادَى من المَكَانِ اليَفَاعَ

فقال لهُ قِرْوَاشٌ: يا وَيلك! قبَّحكَ اللهُ وقبَّح ابن مَرْوَان، ما هذا الكَلَام؟ وبَدَا الشَّرُّ في وَجْهِهِ، وكاد يكون ذلك اليَوْم آخِرَ أيَّام المَنَازِيّ من عُمْره، فبَدأ المَنَازِيّ باليَمِيْن الغَمُوس أنَّهُ أنْشَد ما أنْشَد عن سَهْو لا رَويَّةً، وباتِّفاقِ سَوْءٍ، لا قَصْد ونيِّة، وتحَقَّق قِرْوَاش قَوْلَهُ، لأَنَّهُ ممَّا لا يُقْدمُ عليه مِثْلُهُ، فأغْضَى وعَفَا، ممَّا غَلِطَ فيه وَهَفا.

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عَبْد الله بن الحُسَين بن عَبْد الله الأنْصَاريّ الحَمَوِيّ قِراءَةً عليهِ، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد السِّلَفِيُّ، إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، ح.

وكَتَبَ إلينا أبو القَاسِمِ عِيسَى بن عَبْدِ العَزِيْز الأنْدَلُسيِّ أنَّ أبا طَاهِر السِّلَفِيّ أخْبرهم قِراءَةً عليهِ وهو يَسْمعُ، قال: سَمِعْتُ أبا طَاهِر إبْراهيم بن سَعيد بن عَبْد البر البَدْلِيْسِيّ بثَغْر بَدْلِيْس، يقول: سَمِعْتُ أبا الحَسَن المُرَجَّى بن نَصْر الكَاتِب يقول: سَمِعْتُ خالي الوَزير أبا نَصْر أحْمَد بن يُوسُف المَنَازِيّ يقوِل: بَعَثَني نَصْرُ الدَّولَةِ أبو نَصْر أحْمَدُ بن مَرْوَان سَنَةً من مَيَّافَارقِين إلى مِصْرَ رسُولًا، فدَخَلْتُ مَعَرَّة النُّعْمَان، واجْتَمَعْتُ بأبي العَلَاءَ التَّنُوخِيّ، وجَرَتْ بيننا فَوَائِدُ، فقال أصْحَابُه فينا قَصَائِد، ومن جُمْلتها هذه الأبياتُ (١): [من البسيط]


(a) الهفوات النادرة: وأعمالها.
(b) الهفوات النادرة: بُيِّنت، ولعله الأظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>