للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَفكِّرًا خَوْفًا منهم أنْ يُهْلكوهُ بسَبَب أخْذ مَتاعه، وسبَقَهُم إلى الإسْكَنْدَريَّةِ، وتَوصَّل بعَملِ مقامة يَذْكرُ فيها ما جَرَى له في طَريقه، وعَرِفَ المَلِكُ الكَامِل أبو المَعَالِي مُحَمَّد ابن المَلِك العادِل أبي بَكْر بن أَيُّوب، مَلِكُ الدِّيَار المصْرِيَّة بذلك، فكتَب له إلى الإسْكَنْدَريَّة بتَخْليْص ماله، فخَلص له منه جُمْلَة، ثمَّ إنَّهُ لمَّا رَحَل الملكُ الكامِل إلى آمِد وافْتَتَحَها، تَوَجَّه إلى دِمَشق، ومنها إلى حَلَبَ، ومنها إلى آمِد، فوجَدَ المَلِك الكَامِل راجِعًا إلى الدِّيَار المِصْرِيَّةِ، فعادَ معه إليها، وسَكَن بها.

وذَكَرَ لي أنَّ مَوْلدَهُ بقَفْصَةَ في سَنَة ثمانين وخَمْسِمائَة، وأنَّ ولايتَهُ القَضَاءَ كانت بعد رجُوْعهِ من المَشْرِق إليها.

وحَكَى لي غيرُه أنَّ سَبَبَ عَزْلِه عن القَضَاءِ أنَّهُ وُجِدَ في دَاره خَمْرٌ، فعُزل بسَبَب ذلك.

وسَمِعْتُ صَاحِبُنا نُور الدِّين أبا الحَسَن عليّ بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن سَعيد (١) يَحْكى أنَّ أَبا العبَّاسِ التِّيْفَاشِيّ لمَّا حصَل مع عَرَب بَرْقَة وخَاف منهم، كَتَم نَفسَهُ، وسَألُوه مَنْ هو، ومن أين هو، وما صَنْعَتهُ؟ فقال لهم: أنا قَوَّادُ، فقالوا: اللهُ الأَحَدُ، وأَنِفُوا منه، وكان ذلك سبَبَ خَلاصِه منهم.

أنْشَدَني شَرَفُ الدِّين أبو العبَّاس أحْمَدُ بن يُوسُف التِّيْفَاشِيّ بالقَاهِرَة في أبي الحَسَن عليّ بن مُوسَى بن سَعيد الغَرْنَاطِيّ، يُشِيرُ إلى كتاب أبي الحَسَن الّذي جَمَعَهُ في مَحَاسِن المَغْرب وسمَّاهُ المُغْرِب (٢): [من الخفيف]


(١) لم أقف عليه في مؤلفات ابن سعيد المغربي، ولم يترجم له.
(٢) هو كتاب المُغرب في حُلَى المَغرب، وقد اقتبس المقري التلمساني في كتابه نفح الطيب ٣: ٣٣٥، ما أورده ابن العديم أعلاه، وأثبته في ترجمته لابن سعيد، وأدرج مقطوعتي الشعر المذكورتين في حق ابن سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>