للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بنو كِلَاب في جَمْعٍ عَظِيمٍ ما اجْتَمَعُوا قَطّ في مثله؛ يُقالُ: إنَّهُم كانوا يُقارِبُونَ سَبْعِين ألْفَ فارس ورَاجِل، فعندَ مُعَايَنَتهِم الأتْراك انْهَزَمُوا من غير قِتَال، وخَلَّفُوا حَلَلَهُم وكُلّ ما كانوا يَمْلكُونه وأهَاليَهُم وأولادَهُم.

فغَنَم أحْمَد شَاه وأصْحَابُه ومُحَمَّد بن دمْلَاج وأصْحَابُه كُلّ ما كان لبنى كِلَاب، فيُقالُ إنَّهُم أخَذُوا لهم مائَة ألف جَمَل، وأرْبَعِمائة ألف شَاة، وسَبَوْا من حُرَمِهم الحَرَائرِ جَمَاعةٌ كَثِيْرةٌ، ومن إمَائهم أكْثَر، وكُلّ ما كان في بُيُوتِهم، وَعَفُّوْا عن قَتْل عَبِيْدهم المُقاتِلَة، وكانوا يزيدُونَ عن عَشَرة آلاف عَبْدٍ مُقَاتِل، ولم يَقْتُلُوا أحدًا منهم، وكان الّذي غَنمه الغُزُّ من العَرَب في ذلك اليَوْمَ ما لا يُحْصَى كَثْرةً.

وبعد انْهزام العَرَب بثلاثة عَشَر يَوْمًا، دَعَا مُحَمَّد بن دمْلَاج التُّرْكِيّ أحْمَد شَاه، فخَرَجَ إليه، وكان نازلًا شَماليّ حَلَب، فلمَّا أكلُوا وشَرِبُوا، قبَضَ مُحَمَّد بن دمْلَاج على أحْمَد شَاه وأسَرَهُ، وكان في نَفَرٍ قليل، فأقام في أَسْره تسْعَة أيَّامٍ، ثمّ إنَّ سَابِق بن مَحْمُود اشْتَرَى أحْمَد شَاه من مُحَمَّد بن دمْلَاج بعَشَرة آلاف دِيْنار، وعشرين فَرَسًا، يَوْم السَّبْت.

ووجَدْتُ بعض التَّوَاريخ يقول جَامِعُه فيه: سَنَة سَبْعِين وأرْبَعِمائة، فيها حَصَر تاجُ الدَّوْلَة تُتُش حَلَب، ورَحَلَ عنها، وعاد إليها، وخَرَجَ منها أحْمَد شَاه وكَبَس العَسْكَر، وعَادَ.

ثم قال: سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، قُتِل أحْمَد شَاه.

وذَكَرَ أبو يَعْلَى حَمْزَةُ بن أسَد بن القَلَانِسِيّ، قال في حَوَادِث سَنَة إحْدَى وسَبْعِين وأرْبَعِمائة (١): وفي هذه السَّنَة قُتِلَ أحْمَد شَاه مُقَدَّم الأتْرَاك في الشَّام.


(١) ذيل تاريخ دمشق ١١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>