للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنَّ إبْراهيم اسْتَظْهرَ عَلى طُغْرِلبِك، وحَصَرهُ في مَدِينَة هَمَذَان، فعَزَمَتْ خَاتُون وابنُها أنَوشَرْوان والكُنْدُرِيّ على المَسِيْر إلى هَمَذَان لإنْجادِ طُغْرِلبِك.

واضْطَربَ أمْرُ بَغْدَاد اضْطِرَابًا شَدِيْدًا، وأرْجَفَ المُرْجِفُونَ باقْتراب البَسَاسِيرِيّ، فبَطُلَ عَزمُ الكُنْدُرِيّ على المسير، فهمَّتْ خَاتُون بالقَبْضِ عليهِ وعلى ابْنِها لتركِهما مُسَاعَدَتَها على إنْجادِ زَوْجها، ففَرَّا إلي الجانب الغَرْبيّ من بَغْدَاد، وقَطَعا الجِسْر وراءهمُا. وانْتُهِبَتْ دَاراهمُا، واسْتَولَى منْ كان مع خَاتُون من الغُزِّ على ما تضمَّنَتَا من العَيْن والثِّيَابِ والسِّلاح، وغير ذلك منٍ صُنُوف الأمْوَال، ونَفَذَتْ خَاتُونُ بمَنْ ضَوَى إليها، وهم جُمْهُور العَسْكَر، مُتَوَجِّهةً نحو هَمَذَان، وخَرَجَ الكُنْدُرِيّ وأَنَوشَرْوَان يَؤُمَّان طَريْقَ الأهْوَاز.

فلمَّا كان يَوْم الجُمُعَة السَّادِس من ذِي القَعْدَة، تحَقَّق النَّاسُ كَوْنَ البَسَاسِيرِيّ بالأنْبَار، ونَهِضْنا (a) إلى صَلَاة الجُمَعَة بجَامِع المَنْصُور فلم يَحْضُر الإمامُ، وأَذَّنَ المُؤذِّنونَ بالظُّهْرِ، ثُمَّ نَزَلُوا من المئْذَنَة، فأخْبَروا أنَّهم رأوا عَسْكَرًا للبَسَاسِيْرِيّ حِذَاءَ شَارع دار الرَّقِيْق، فبَادَرْتُ إلى أبْوَاب الجَامع، فرأيتُ من الأتْراك البَغْدَاديَّينَ أصْحَاب البَسَاسِيرِيّ نَفَرًا يَسِيْرًا يُسَكّنُونَ النَّاس، ونَفَذُوا إلى الكَرْخ، فصَلَّى النَّاسُ في هذا اليَوْم بجَامع المنصُور ظُهْرًا أَرْبَعًا من غير خُطْبَةٍ.

ثمّ وَرَدَ من الغَدِ - وهو يَوْم السَّبْت - نحو مائتى فارس من عَسْكَر البَسَاسِيرِيّ.

ثُمَّ دَخَل البَسَاسِيرِيُّ بَغْدَادَ يَوْم الأَحَد ثامن ذي القَعْدَة، ومعَهُ الرَّايَاتُ المِصْرِيَّة، فضَرَبَ مَضَارِبَهُ على شَاطِئ دِجْلَةَ، ونَزَل هُناك والعَسْكَر معه، وأجْمعَ (b) أهْلُ الكَرْخ والعَوَامّ من أهْلِ الجانب الغَرْبيّ على مُضَافَرة البَسَاسِيرِيّ، وكان قد جَمَع العَيَّارين


(a) هذا كلام الخطيب البَغْدَادي الَّذي عاين الأحداث، ونقله ابن عساكر فغيره إلى: وسعى النَّاس إلى صلاة …
(b) أقحم ابن العديم عليها نقطتان لتصح: واجتمع، والمثبت كما عند الخطيب البَغْدَادي (مصدر النقل).

<<  <  ج: ص:  >  >>