للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأَحْسَبُ أنَّ طُغْرِلبِك كاتَبَ مُهَارِشًا في أمْر الخَلِيفَة، فأخْرجَهُ من مَحْبَسِه، وعَبَر بهِ الفُرَات، وسار به في البِرَّيَّةِ قَصْدَ تَكْرِيت في نَفَرٍ من بني عَمّه، وأغَذَّ السَّيرَ حتَّى وَصَل به إلى دِجْلَةَ، ثمّ عَبَر بهِ وسَار في صُحبَتِه قَصْدَ الجَبَل، وقد بَلَغَهُ أنَّ طُغْرِلبِك بشَهْرَزُور، فلمَّا قِطَعَ أكثر الطَّريق عُرِّفَ (a) أنَّ طُغْرِلبِك (b) قد حَصَلَ ببَغْدَاد، فعاد سَائرًا حتَّى وَصَل إلى النَّهْرَوَان، فأقام بالخَلِيفَة (c) هناك، ووجَّهَ إليه طُغْرِلبِك مَضَارِبَ ورحْلًا (d) وأثاثًا، ثمّ خَرَج لتلقِّيْهِ.

فانْتَهى إلينا ونحنُ بدِمَشْق في يَوْم عِيْد الأضْحَى من سَنَة إحْدَى وخَمْسِين وأرْبَعِمائة أنَّ الخَلِيفَة تَخَلَّص من مَحْبَسِه، وانْتَهى إلينا لسَبعْ بَقِينَ من ذِي الحِجَّة خَبَرُ حُصُوله ببَغْدَاد في دَاره.

وكَتَبَ إليَّ (١) من بَغْدَاد مَنْ ذَكَرَ أنَّ الخَلِيفَة حَصَل في دَاره في يَوْم الخامس والعشرين من ذي القَعْدَة.

وأسْرَى طُغْرِلبِك إلى البَسَاسِيرِيّ عَسْكَرًا من الغُزّ وهو في بَلَدِ ابن مَزْيَد بسِقْي الفُرَات، فحاربوه إلى أنْ ظُفِرَ به، وقُتِلَ وحُمِلَ رأسُه إلى بَغْدَاد، فطِيْفَ به، وعُلّقَ إزاءَ دار الخِلَافَة في اليَوْم الخامِس عَشر من ذِي الحِجَّة سَنَة إحْدَى وخَمْسِين (٢).


(a) هكذا مجودًا في الأصل، وفي تاريخ بغداد: وعَرَف.
(b) ضبطه ابن العديم في هذا الموضع: طُغْرلبُك.
(c) تاريخ بغداد: الخليفة، وظاهر كلام ابن العديم أنه الأوجه.
(d) تاريخ بغداد: ورحالًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>