نَقَلْتُ من كتاب الرَّبْيع، تأليفُ غَرْس النِّعْمَة مُحَمَّد بن هِّلِل بن المُحَسِّن بن الصَّابِئ، وأنْبَأنَا به عَبْد اللَّطِيْف بن يُوسُف، عن أبي الفَتْح بن البَطِّيّ، قال: أنْبَأنَا أبو عَبْد اللّه الحُمَيْدِيِّ عنه، قال: حَدَّثَنَى المَسْعُود بن أبي المَعَالِي الفَضْل، وكان أحَد حُجَّاب البَسَاسِيرِيّ، في المُحَرَّم من سَنَة اثْنَتَيْن وخَمْسِين وأرْبَعِمائة بالرَّحْبَةِ، وقد خَرَجْتُ إليها خَوْفًا من جَرِيرَهَ فِعْل البَسَاسِرِيِّ بالقَائِم بأمْرِ الله، قال: رأيتُ في مَنامِي في ذِي الحِجَّة كأنَّ البَسَاسِيرِيِّ جالِسٌ (a) في دَارِه وأنا قائم على رأسه إذ دَخل عليه غُلَامان بثِيَاب حسَانٍ، فنَهَض إليهما وخَدَمهُما وقبَّل أيديهما وأرْجُلهما، وجَلَس بين أيديهما، فقالا له: يا هذا، قصدْتَ البَصْرَة فعَضَدناكَ، والأنْبَار فأعَنَّاك، وسِنْجَارَ فسَاعَدْناكَ، والمَوْصِل فقَوَّيْناك، وبَغْدَاد فنَصَرْنَاكَ، وقالا بأيديهما يَضُمَّانها ويَبْسُطَانها ما مَعْناه: فما آخر ذاك، وإلى مَتِى؟ يُكَرِّرانه دَفْعات، فاسْتَطْرف ذاكَ. وجَاءَ خَبَره بعد أيَّامٍ إلى الرَّحْبَة بقَتْلِه وزَوَال أمْره.
قَرأتُ بخَطِّ أبي مَنْصُور أسْبَهْدُوسْت بن مُحَمَّد بن أَسْفَار الدَّيْلَمِيّ في دِيْوان شِعْره يَرْثِي أبا الحَارِث البَسَاسِيرِيّ:[من الكامل]
أَقْسَمْتُ بَعْدَكَ لا أقُولُ مَدِيْحا … حتَّى أُصَابحَ في التُّراب صَفِيْحَا
كلَّا ولا صَاحبْتُ غَيركَ صَاحِبًا … إلَّا الأسَى والحُزْنَ والتَّبْرِيْحَا