للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العمَاد الكَاتِب؛ وأوْرَدهما في الخَرِيْدَة (١): لو أنصَفْتَ فهْمَك إنْ كُنْتَ مُنْتَقِدًا، وتَرَقَّيْتَ (a) عن مَرْقَب وَهْمِكَ مُجْتَهدًا، وغُصْتَ بنَظَر فِكْركَ في بِحَار مَعَانيهِ، لَغَنِمْتَ من فَرَائد دُرَرهِ ولآليْهِ، ولعَلِمْتَ أنَّ الشِّعْر إذا لم يكن هكذا فلَغْوٌ، وأنَّهُ إذا لم يَبْلغُ هذا الحَدّ من الجَدِّ فهُجْرٌ ولَهْوٌ، ومَنْ الَّذي أَتَى في وَصْفِ السِّنِّ المَقْلُوع، بمِثْل هذا الفَنِّ المَطْبُوع، فَهَلْ سَبَقَهُ أحَدٌ إلى معناهُ؟ وهل في هذا النَّمَط سَاوَاهُ (b).

أنْشَدَنا أبو هاشِم عَبْدُ المُطَّلِب بن الفَضْل الحَلَبِيّ، قال: أنْشَدَنا أبو سَعْد عَبْد الكَريم بن مُحَمَّد السَّمْعَانيّ، ح.

وأنْشَدَنا مُحَمَّد بن أحْمَد بن عليّ الفَنَكِيّ، قالا: أنْشَدَنا أبو المُظَفَّر أُسامَةُ بن مُرْشِد بن عليّ الكِنَانِيّ لنَفْسِه (٢): [من المنسرح]

لَمْ يَبْقَ لي في هَوَاكُمُ أرَبُ … سَلَوْتُكُم والقُلُوبُ تَنْقَلِبُ

أوْضَحْتُمُ لي سُبلَ (c) السُّلُوِّ وقد … كانَتْ لي الطُّرُقُ عنه تَنْشَعِبُ

إلَامَ دَمْعِي من هَجْركُم سَرِبٌ … قَانٍ (d) وقَلْبي من غَدْركُم يَجِبُ

إنْ كان هذا لأنْ تعبَّدَني الحُـ … ـبُّ فقد أعْتَقَتْنِي الرِّيَبُ

أحْبَبْتُكُم فَوْقَ ما تَوَهَّمَهُ الـ … ـخَلْقُ (e) وخُنْتُم أضْعَاف ما حَسَبُوا

أوْرَدَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكَاتِبُ هذه الأبْيَات في الخَرِيْدَة (٣)، وقال: تأمَّلْ مَعَانيَ هذه الأبْيَات (f)، بعَيْن التَّأنِّي والثَّبَات، تَعْرف أنَّ قَائلَها من ذَوِي الحَمِيَّة، والنُّفُوس الأبِيَّةِ، والهِمَم العَلِيَّةِ، وكُلَّ مَنْ يَمْلِكُه الهَوَى ويَسْتَرقُهُ، قَلَّما يُطْلِقُه


(a) الخريدة: فرقيت.
(b) الخريدة: وهل ساواه في هذا النمط سواه.
(c) الديوان: أريتموني نهج.
(d) الأصل: فان، والمثبت من الديوان والخريدة ومعجم الأدباء.
(e) الديوان: الناس.
(f) الخريدة: تأمل هذه المعاني والأبيات.

<<  <  ج: ص:  >  >>